تقول تغطية الصحافة إن الأمير خالد الفيصل أنهى زيارته إلى محافظة تربة مغرب يوم الاثنين ثم بات في خيمة في الطريق إلى رنية صباح الثلاثاء وهناك عقد ثلاثة اجتماعات مع الأهالي والشباب ومسؤولي المحافظة والمنطقة، وعاد عصراً لذات الخيمة للغداء ثم قفل عائداً إلى جدة ليرعى بعد العِشاء حفلة عامة إلى منتصف الليل وفي الثامنة من صباح الأربعاء كان في مكتبه بالإمارة ليرأس اجتماعاً لإحدى لجان المنطقة التنموية. ومثلما يصر الأمير في كل زياراته السنوية لمحافظات منطقة مكة أن يسكن ويأكل وجباته السريعة على حسابه الخاص، مثلما يرفض بقرار من توقيعه ألا ترتفع لوحة ترحيب أو صورة على شارع أو صحيفة وألا يتناول الهدايا والدروع المحنطة. ومثلما يشير الخبر، يخرج الأمير من جيبه ورقة دونها بخط يده من الزيارة السابقة لتكون كشف الحساب بينه وبين مسؤولي المحافظات على الملاحظات في حجم الإنجاز وعوائق مشاريع التنمية.
وأرجو هنا أن نتجاوز جملة التبرير الدارجة حين يكون عذر الكثير مع مثل هذه النماذج بالقول: إنه خالد الفيصل. هو إنسان مثلكم ينام ويرتاح ويقضي ما لا يقل عن ربع يومه مع أسرته وأحفاده ويعطيهم فوق ذلك كل مساء الخميس وكل نهار الجمعة. وفوق هذا يرسم ويكتب الشعر حتى اليوم ويؤلف، وحتى اللحظة لم يحمل أبداً جهاز الهاتف الجوال ولا يوجد لديه إلا الهاتف الرسمي الثابت، فقط لأنه يجلس دائماً في مكانه الرسمي المحدد. ماذا ستقولون إذاً للنماذج التالية: أمين المنطقة الذي لم يذهب خلال سنوات طويلة إلى تسع بلديات تابعة لطاولته المركزية؟ مسؤول الطرق الذي يظن وفي اتصال موثق مع إحدى الصحف أن الخط المزدوج في خياله ما بين محافظتين ما زال مساراً واحداً قبل أن يفضحه لسانه حين وعد أهالي المحافظة البعيدة بازدواجه رغم أنه مزدوج منذ عامين؟ بضعة أصحاب المعالي الذين زاروا دول الشرق والغرب ولكنهم وبالإثبات، لم يزوروا بضع مناطق على الخريطة الوطنية منذ يوم الولادة إلى يوم الوزارة وما بعد الوزارة؟ ولكل هذه النماذج السابقة الخارقة للعادة سنقول بكل صراحة إن الأمير خالد الفيصل لم يعمل شيئاً خارقا للعادة. هذه هي مطالب مسؤوليته، لأنه قبل التكليف بالخدمة العامة في الجهاز الحكومي تماماً مثلما قبلتم شرف المناصب و"هيلمانها" ولم يأخذكم أحد، مثلما لم يأخذه أحد أيضاً بالسلاسل إلى كراسي الإدارة. هو مثلكم يخطئ ويصيب وينجح ويفشل ونصف كتابه عن الإدارة دون فيه قرارات الخطأ.