بين حين وحين، نضع أنفسنا تحت مجهر الإحراج مثلما نخلق لأنفسنا ومجتمعنا أزمة مفتعلة دونما سبب. المثال الأخير، كان في قرار استمرار، أو استمراء، منع المرأة من التصويت في الانتخابات البلدية.
هل فكرنا دقيقة واحدة في العواقب الكارثية والنتائج المجلجلة التي ستعود على مجتمعنا نسقاً ومعتقداً وعفافاً، لو أن (مالحة بنت مفرح) ذهبت إلى ثانوية الخنساء ثم أعطت صوتها في مركز الاقتراع النسوي (الخالص) إلى المرشح (معدِّي بن دحمان) على حساب منافسه أحمد بن عبدالهادي؟ لا شيء على الإطلاق سيحصل، وكل ما سيكون أن هذه المرأة استبدلت عصرية (عسير مول) بغزوة صباحية إلى مركز اقتراع نسوي خالص. ستعود، مثلما عدنا قبل ست سنوات، إلى بيتها منتشية بأن أخذت نصيبها من (كباش العثرب). ولكم أن تغوصوا في تفسير هذا المثل (الجبلي) الخالص. وبدلاً من هذا (الإحراج) العالمي الذي أصبحنا فيه في ملتقى (طرق نشرات الأخبار)، لأننا منعنا المرأة من الانتخاب، كان بإمكاننا ـ على الأقل ـ أن ننقذ هذه الانتخابات من الإقبال الضعيف على مراكز التسجيل. فما زال لدى (النسوة) طرب لكل ما هو جديد والنشوة بخوض المغامرات. وقد ضحكت حتى بانت أماكن نواجذي المخلوعة ـ بأمر طبيب الأسنان ـ وأنا أقرأ بالأمس (كاريكاتير) المبدع الزميل خالد وهو ينقل حوار الزوجين: زوجة تطالب بحقها في التصويت وزوجها يجيب بالحرف: يا حبكم للتمثيليات.
والحجة الرسمية أمام لجنة القرار أن الإمكانات غير جاهزة لاستقبال صوت المرأة في مركز نسائي خالص، وهو عذر يمكن دحضه في أقرب (منجرة) تصنع بضعة صناديق بثقب علوي ومن ثم توزيعها على بضع مدارس نسائية لاستقبال طوابير النساء، ومن ثم حمل هذه الصناديق في أقرب (عرادي) إلى الفرز الرجالي. فمن هو نصف العاقل الذي يظن أن لدى نصف عاقل آخر ربع الرغبة أو الطمع لتزوير انتخابات بلدية؟ صحيح أن النساء لا يتعرضن في شوارعنا إلى (المطبات)، لأن الحفر دائماً، وبالصدفة دائماً في منتصف الشارع، حيث قائد المركبة. وصحيح أنهن لا يخرجن أبداً من المنازل إلا مرة أو اثنتين في العام، وبالتالي لا دخل في المطلق لهن في الانتخابات للخدمات البلدية. ولكن: لأنني أكثرت من الأمثال فسأختم بأن (نعطي الطائر مازازا له)، لأن النساء كما يبدو لم يكتفين بأن (يكفيك بالهم شفقان القلوب).