اختيارات اليمنيين هي شأن داخلي، أما ما يحدث في اليمن فهو شأن داخلي لنا أيضا، اليمن يهمنا نحن السعوديين بالدرجة الأولى قبل الخليج وقبل العرب الآخرين وقبل الفرس.

قبلت المعارضة اليمنية مبادرة خليجية لأنها تنص على تنحي الرئيس، ورفضها الرئيس لأنها كذلك!.

أعيدت صياغة المبادرة لتنص على "نقل السلطة" فقبلها الرئيس وانقسمت حولها المعارضة ثم سألت عن تفاصيلها في الرياض ثم وافقت عليها.

في موقد الثورة اليمنية الكثير من الحطب الداخلي والخارجي مهمته إبقاء الاشتعال فقط، وعلى موجة الثورة تيارات يهمها أن تبقى الدولة ضعيفة أو مشلولة في حالة فوضى تسمح بانفصال الجنوب وبجعله أمرا واقعا، وهم يفعلون، وتسمح للحوثيين ببسط سلطتهم على الشمال، وهم يؤكدون ذلك الآن. إضافة إلى جماعات أخرى كالقاعدة، وجماعات قبلية تحاول، على حساب الدولة، استعادة ما خفت من نفوذها، يبقى بعد كل ذلك الوطنيون وهم الأخفت صوتا.

في ظل انقسام سياسي وقبلي وعسكري لا يمكن "لشباب الثورة" في اليمن (نصفهم من عمر الشيخ الزنداني) استنساخ الثورة المصرية، فالنظام في اليمن ما زال قويا بأجهزته الأمنية وله جماهيرية واسعة يستعرضها كل جمعة. لا يمكن للمطالبين بإسقاط الرئيس والنظام أن ينجحوا في مسعاهم، ولو حدث، مع كل هذا الانقسام، أن سقط النظام فعلا بشكل مفاجئ فإن الثورة ستكون قد نجحت في دفع اليمن لفوضى طويلة، كما أنه لا يمكن للنظام وأنصاره أن يسقطوا المعارضين. المبادرة الخليجية تضمن انتقالا منظما يسمح للثائرين بالقول إنهم نجحوا أكثر مما يسمح للنظام القول بأنه صمد. أما بقاء اليمن على هذه الحال فهو يضر اليمنيين ويضرنا نحن معهم.

سيقول كبراء المستفيدين من الشلل الحالي إنهم موافقون لكن "شباب الثورة" يرفضون، وهذا الكلام الماكر مهمته دفع البلاد للمجهول. لا بديل لمبادرة الخليجيين إلا بقاء اليمن مشلولا حتى تفرض الظروف حلولها الكارثية.

الثائرون الوطنيون الصادقون سيقبلون الحل وهم يعلمون أنهم نجحوا، وسيسحبون حطبهم من الموقد، ويقدمون مصلحة وطنهم على نشوة الثورة وطبولها الإعلامية.

سننتظر الحكمة اليمانية.

[email protected]