عاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى جدة مساء أمس، بعد أن أنهى مهمة تاريخية تمثلت في ثلاث قمم ثنائية ضمته إلى كل من الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ، والرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، والملك الأردني عبدالله الثاني في عمان، وواحدة ثلاثية في بيروت ضمته بالرئيسين السوري واللبناني ميشال سليمان.
وكانت القمة الثلاثية الأبرز خلال الجولة العربية كونها نزعت فتيل فتنة كادت أن تعيد بلاد الأرز إلى الحرب الأهلية، التي عملت المملكة على إطفاء جذوتها قبل 21 سنة في مؤتمر الطائف.
وعلمت "الوطن" بوجود إجراءات تنفيذية تجري الأيام المقبلة من أجل معالجة نهائية لأي معوقات تعترض التفاهم اللبناني الكامل. وإذا كان الموضوع اللبناني قد استأثر باهتمام خادم الحرمين في لقاءاته مع الزعماء العرب الآخرين، إلا أن هموم فلسطين والعراق والصومال كانت حاضرة في كل المحادثات التي أجراها خلال جولته.
معلومات "الوطن": القمة أوصت بعقد لقاء بين الحريري ونصرالله
مصدر حكومي :اللقاء الثلاثي أوجد حصانة عربية للوضع اللبناني
بيروت،جنيف :حسن عبدالله،ماجد الجميل
علمت " الوطن" أن النقاشات في القمة الثلاثية التي جمعت خادم الحرمين الشريفين والرئيسين بشار الأسد وميشال سليمان في بيروت أول من أمس ، أوصت بحصول اجتماع عاجل بين رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري وأمين عام حزب الله حسن نصرالله للتفاهم على إنهاء ذيول الأزمة التي فجرتها الأنباء الصحفية حول القرار الظني للمحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري،والتي قالت إن القرارالظني يتهم عناصر من حزب الله بالعملية.
وعلم أن ممثلين للحريري ولنصرالله بدأوا باتصالات لترتيب اللقاء بين الرجلين.
وقال مصدر حكومي لـ" الوطن" إن القمة الأخيرة في بيروت أوجدت حصانة عربية للوضع اللبناني، لا يمكن لأحد تجاوزها خصوصا في ظل التفاهم والتعاون العميقين بين المملكة العربية السعودية وسوريا والذي يتقبله اللبنانيون على مختلف إنتماءاتهم ومشاربهم.
وقال عضو تكتل "لبنان أوّلاً" النائب عقاب صقر إنّ "الطرفين السعودي والسوري هما أساس التهدئة في لبنان، والتفاهم بينهما نتيجته مظلّة عربيّة ليست قائمة على تلزيم أحادي لا لسوريا ولغيرها للساحة اللبنانيّة، إذ قد احتاج هكذا تلزيم سابقاً إلى قرار أمريكي كبير ودولي".
و نوه رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص في تصريح "بلقاء قمة عربية مصغرة انعقدت في لبنان وضمت في خطوة غير مسبوقة اثنتين من أهم دول القرار في المنطقة، هما السعودية وسوريا، ولقد أثلج الحدث الفريد قلوب اللبنانيين ووجدوا فيه فرصة واعدة يرجى أن تنعكس إيجابا على استقرار المجتمع اللبناني وأن تؤمن حماية فاعلة للسلم الأهلي والوحدة الوطنية اللذين يشكلان إكسير الحياة للبنان المعاصر".
ووصفت صحيفة سويسرية جولة الملك عبد الله في عدد من الدول العربية وزيارته مع الرئيس السوري للبنان بأنها "خطوة كبيرة، بل أهم خطوة في السعي للحفاظ على استقرار لبنان والمنطقة العربية عموماً."
وقالت صحيفة (لو تون)، أكبر الصحف السويسرية الناطقة بالفرنسية "كان هدف الزيارة الذي وضعه الملك عبد الله واضحاً. الحفاظ على استقرار لبنان، وضمان وحدته، وقطع الطريق أمام الفوضى التي هددت البلاد بعد أسبوع واحد من الإعلان المجلجِل لأمين عام حزب الله حسن نصر الله."
وقالت الصحيفة في تعليق خاص بها "إنَ الملك عبد الله يسعى بجد لتجنيب لبنان لأن يكون فريسة جديدة للتوتر بين الطائفتين الرئيستين، السنية والشيعية، وعدم تكرار ما جرى في مايو 2008 عندما أدت أزمة سياسية بين الحكومة وحزب الله إلى مواجهة مُسلحة أسفرت في آخر الأمر على استحواذ الميليشيات المُسلحة للحزب على الأحياء السُنية في بيروت."
وأضافت أنَه "بفضل مرافقته للعاهل السعودي في زيارته للبنان، تمكن الرئـيس بشار الأسد من أن يحصل على اعتراف رسميَ جديد بأنه يملك تأثيرا ودورا في لبنان بعد أن كاد يفقده تماماً قبل ثلاثة أعوام."
وقالت (لو تون) إن الملك عبد الله أخرج بزيارته هذه الدبلوماسية السعودية من سياساتها الصامتة وتحفظاتها التي اشتهرت بها، ليجعلها تعالج المشاكل بطريقة واضحة وعلنية. وقالت" أهم عنصر في الزيارة اجتماع الملك عبد الله مع مسؤولين في حزب الله، والرئيس السوري مع أعضاء في مجلس النواب من المعسكر المسيحي المناوئ لسوريا.
الملك عبدالله كرس الدور السعودي في خدمة السلام
روما، بكين، لندن:عبد المجيد السباوي،الوطن
استاثرت جولة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز العربية باهتمام الإعلام الغربي باعتبارها تعزيزا للعلاقات العربية العربية ،وتكريسا لدور المملكة في خدمة السلام في المنطقة.
فقد خصص الإعلام الإيطالي أمس مساحات بارزة للجولة التي شملت كلا من مصر وسوريا ولبنان والأردن حيث ركز على دور وثقل المملكة في المنطقة وعلى علاقتها بسوريا . و قالت وكالة الأنباء الإيطالية "أنسا" في تقرير مطول إن زيارة خادم الحرمين إلى لبنان تعتبر الزيارة الرسمية الأولى للمملكة منذ 1957 ، مؤكدة أنها ستساهم بشكل إيجابي في الحوار السياسي اللبناني وستخدم العلاقات بين الرياض و دمشق . و قالت "أنسا" إن وزن المملكة بمنطقة الشرق الأوسط كان دائما عاملا حاسما في حل عدد من الخلافات .
واعتبرت جريدة "لا ريبوبليكا" الأكثر انتشارا بإيطاليا زيارة خادم الحرمين بالهامة مركزة على دور المملكة في خدمة السلام والأمن في المنطقة وعلى العلاقات السعودية السورية وعلى اللقاء الذي جمع الملك عبد الله بالرئيس السوري بشار الأسد .
أما جريدة " إل سولي 24 " فقبل حديثها عن قيمة الزيارة الملكية إلى بيروت ركزت على العلاقات السعودية السورية التي وصفتها بالمتطورة والإيجابية بعد اللقاء الذي جمع خادم الحرمين ببشار الأسد . و قالت " اللقاء الذي جمع في بيروت الملك عبد الله بن عبد العزيز و الرئيس السوري بشار الأسد يبقى حدثا بالغ الأهمية , فالرئيس السوري لم يزر لبنان منذ 2002 في حين أن أي ملك سعودي لم يقم بزيارة رسمية إلى لبنان منذ 1957 والأهم من ذلك هو اللقاء الذي جمع الطرفين "
من ناحيتها اعتبرت صحيفة "بيبولز ديلي" - الصينيةالقمة السعودية-السورية، في دمشق الخميس الماضي تعزيزا للعلاقات العربية- العربية وتحصينا للوجود العربي في مواجهة التحديات، التي تحدق بالأمة العربية وقضاياها العادلة.
وفي تصريحات للصحيفة قال مراقبون إن القمة التي وصفت بـ"قمة التشاور والتنسيق" تحمل هموم الأمة في ظل ما تمر به المنطقة من وضع دقيق وخطير، يتطلب بحث الملفات الساخنة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان والعراق.
وقالوا أيضاً إن انعقاد القمة يؤكِّد حرص القائدين على إحلال الاستقرار والسلام في المنطقة وفقاً للمرجعية الدولية والقانونية، لاسيما في ظل ما تمر به العلاقات السورية- السعودية من مرحلة متميزة، نصب عمود استقرارها لقاء القائدين في دمشق في شهر أكتوبر الماضي.
وأضافوا أن اللقاء يأتي في إطار حرص الجانبين على الارتقاء بالعلاقات العربية- العربية ومتابعة الجهود المبذولة لتعزيز العمل العربي المشترك لاسيما بين البلدين، واصفين الوضع العربي الحالي بأنه "مهلهل".
وأشاروا إلى أن آخر التطورات العربية والدولية وتطوير العلاقات الأخوية ومعالجة مشاكل المنطقة ستكون محط اهتمام القائدين العربيين، اللذين يكملان بعضهما انطلاقاً من إدراكهما بأن الوضع العربي بأشد حاجة إلى التضامن من خلال استراتيجيات عربية موحدة لمواجهة التحديات الكبيرة.
وأكدوا أن القمة ستعطي بالتأكيد مردوداً إيجابياً على كافة الصعد، متمنين أن يشمل التوافق جميع الدول العربية لخلق فضاء عربي يخدم مصالح الأمة العربية وقضاياها العادلة لاسيما الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والعراق ولبنان. وقال روبرت فيسك في صحيفة "الإنديبندنت" البريطانية إن سوريا رأت في قمة بيروت التي ضمَّت زعماء كل من السعودية ولبنان وسوريا عودة إلى الساحة الإقليمية .وأكد الكاتب أن مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس اللبناني ووزراء وأعضاء البرلمان في لبنان في محادثات لمنع عودة العنف في بيروت لها بلا شك أهمية كبيرة، وإن كانت لم تستغرق سوى ساعات قليلة.
وبالرجوع إلى العلاقة بين سوريا ولبنان في العقود الماضية، يلاحظ أن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد لم يقم سوى بزيارة رئاسية واحدة إلى الحدود اللبنانية، أما هذه فهي المرة الأولى منذ 40 عاما التي يدخل فيها نجله بشار إلى "قدس الأقداس" في بيروت.
ورغم أن الهدف من زيارة زعيمي السعودية وسوريا إلى لبنان من الناحية النظرية هو تخفيف حِِدة التوتر بين حزب الله والحكومة اللبنانية، إلا أنها في الواقع تعني عودة لظهور سوريا مرة أخرى في لبنان، خاصة مع حفاوة الاستقبال الذي تلقاه الرئيس السوري في المطار من قبل رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.