في القرآن إن الزلزلة حين تقع تحدث الأرض أخبارها. وفي سورة فصلت حديث ممتع مثير عن نطق الأعضاء وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء. فكيف يشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون؟ وفي سورة القيامة تطالعنا الآية التي تقول إن البنان نهايات الأصابع سوف يعاد سبكها وإعادتها مرة أخرى بمحتويات البصمة التي تميز إنسانا عن آخر. ولا تكرر نفسها إلا مرة واحدة كل 64 مليار مرة!
وفي الأرض يتحدث الشجر والحجر كل بطريقته ولغته الخاصة كل قد علم صلاته وتسبيحه.
لقد وقع تحت يدي التقرير الذي كتبته أنجيليكا فرانتس (Angelika Franz) في مجلة المرآة (Der Spiegel \ p137\11\2011) أنه في مطلع عام 2007 اكتشف عمال الحفر في منطقة تولا (Tula) بقايا مرعبة من 24 هيكلا عظميا لأطفال رضع لم يتجاوز أحد منهم عمر الـ15 يوما، وعلى فقرات الرقبة بقايا أنصال حادة مما يحكي قصة ذبحهم من الوريد إلى الوريد، وبين الجثث ترامت هياكل الإله تلالوك (Tlalokc) رب المطر. أهمية هذا الكشف أنه يعود إلى عام 1150م حيث عاشت حضارة التولتيكين وبادت (Tolteken)، وهي منطقة تقع إلى الغرب من المكسيك، وهي حضارة من ثلاث حضارات انتهت وتدمرت، خاصة حضارة الأزتيك التي جاء أجلها على يد الغازي الإسباني كورتيس، والمهم في الكشف الجديد في أمكنة فناء هذه الحضارت الثلاث أنه هناك دلائل جديدة على زوالها بما روت قصته أشجار المنطقة من الغابات المحيطة حيث تعمر الشجر أكثر من ألفي سنة، مما دفع فريقا علميا من جامعة أركنساس والمكسيك بتتبع المسألة (ديفيد شتاله ـ خوزيه فيانويبا دياث) ووصلوا إلى أن شجر السرو الذي ينمو في الغابات الكثيفة هناك يقاوم الزمن فلا يهرم وتعيش الشجرة الواحدة أكثر من ألفي سنة بجذع عرمرم يصل إلى 12 مترا وأغصان سامقة تعانق السماء بارتفاع 40 مترا، والمهم أن هذه الشجرة المعمرة الحكيمة روت قصة نهاية ثلاث حضارت في المكسيك من حلقات الشجر، الأولى من حضارة التولتيكين والثانية المايا، والثالثة في الوسط حضارة الأزتيك وكانت النظريات متضاربة حول نهاية المايا بأكثر من ثمانين تفسيرا بدءا من ثورة الفلاحين إلى وباء الزحار والإسهال، ولكن الشجرة الحكيمة أفضت بأسرارها على نحو مختلف.
لقد جاءت الرواية من حلقات الشجر التي تتبعها الفريق العلمي على امتداد 1307 سنة بين 771 ـ 2008م فوصلوا إلى قراءة الحلقات التي تروي فترات الجفاف حيث تضرب الجذور بسطحية وتمتص الماء وبالتالي تتأثر بالجفاف فترسم وتعكس الوضع البيئي.
لقد كانت هناك ثلاث حقبات من الجفاف الأعظم الذي ضرب الحضارات الثلاث (1149 ـ 1167م) لمدة ثمانية عشر عاما فأهلكت حضارت التولتيكين غرب المكسيك، والثانية شرقها في المايا بين الأعوام (897 ـ 922م لفترة 25 سنة).
والأعجب جاء من قصة نهاية حضارة الأزتيك التي كان المظنون أن المجرم هيرناندو كورتيس هو من مسح تلك الحضارة بالبنادق والمدافع على غفلة من أهل أوروبا بما كان يفعله الأوغاد هناك كما حكى القصة المؤرخ الالماني شبنجلر، وهو ما يفسر لنا ما يحدث في العالم العربي مع ثورة الفيس بوك من التكنولوجيا المعاصرة التي أعانت الشعوب في التخلص من الديكتاتوريات العاتية.
يقول شتاله إن السر كان في تفوق السلاح ونقل الأمراض التي لا تعرفها أمريكا والجفاف الأعظم الذي ضرب ربع قرن من الزمن وبدأ قبل خمس سنوات من مقدم المجرم الإسباني كورتيس وبعده بعشرين عاما فهلكت الحضارت ومات الناس ولم ينفع تقديم القرابين من الأطفال الرضع لرب المطر تلالوك؟
يقول الرب عن هلاك الأمم والحضارات (فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب..).