أصبح الأمريكيون أكثر تقشفا وادخارا لأموالهم بشكل أوسع من أي وقت مضى ، بل وباتوا أقل إنفاقا على مظاهر الرفاهية التي ميزت نمط الحياة الأمريكية لوقت طويل ، فقد أدت النظرة القاتمة إلى مستقبل الاقتصاد الأمريكي إلى تغييرات كبيرة في أسلوب حياة الأمريكيين ، بعد أن عصفت الأزمة المالية العالمية ، بوظائفهم ، وخفضت مرتباتهم .

ووفقا لإحصائيات نشرت حديثا بلغت نسبة مايدخره الفرد الأمريكي من دخله نحو 4.2% ، وهو أعلى مستوى من الادخار تحقق منذ عام 1998 ، وقد انعكست هذه النسبة العالية من الادخار سلبا على مستويات الإنفاق ، مما أثر على نمو القطاعات الاقتصادية وفرص العمل التي توفرها، إذ يعتمد الاقتصاد الأمريكي في نموه بشكل كبير على تزايد الطلب المحلي، وهو ما أصبح متعذرا حالياً رغم بقاء مستويات الفائدة قريبة من الصفر لتحفيز الاقتراض وإطلاق عجلة النمو.

تقول كيسي دوشير وهي مصممة رسوم بيانية في شيكاغو إنها لجأت لتغيير كثير من سلوكيات إنفاقها فيما يشبه التقشف، فقد تخلت عن الخروج في حفلات عشاء مع أصدقائها وأصبحت أكثر ذهاباً إلى مهرجانات الشوارع المفتوحة، والأكثر من ذلك أنها أصبحت تعتمد على السير في التنقل لقضاء احتياجاتها في شوارع وضواحي شيكاغو عوضاً عن استخدام وسائل المواصلات. وأضافت "إنه لأمر مخيف أن تشعر بأنك على بعد خطوات قليلة من أن تصبح بدون مأوى، فقد خفض صاحب العمل راتبي بنسبة 15%. لقد أصبحت أخشى المستقبل".

وكشف استطلاع للرأي أجرته وكالة الأسوشيتد برس مع 42 اقتصاديا بارزا في الولايات المتحدة مؤخراً أن "النظرة تبدو أكثر تشاؤما فيما يتعلق بقدرة الاقتصاد الأمريكي على الانتعاش في العام المقبل".

وأفاد معظم هؤلاء الاقتصاديين أن "أصحاب العمل ما زالوا يترددون في توظيف عمال في ظل توقعات بطء انتعاش الاقتصاد الأمريكي". وأشاروا إلى أن "نظرتهم كانت أكثر قتامة في الأشهر الثلاثة الماضية مع ضعف النمو وارتفاع معدلات البطالة عما كانت عليه من قبل". ويذكر أن معدل البطالة يبلغ حاليا 9.2%، ولا يتوقع أن يتراجع إلى مستواه الطبيعي في حدود 5% قبل عام 2015. ، ويتوقع الخبراء أن "الاحتياطي الفيدرالي سيبقي أسعار الفائدة قريبة من الصفر على الأقل حتى الربيع المقبل" .

ورغم توقعاتهم حول تباطؤ النمو، فإن غالبية الاقتصاديين أعربوا عن اعتقادهم بأن "الانتعاش لا يزال على الطريق الصحيح، وهو ما يحيي الأمل في أن يتجنب الاقتصاد الأمريكي الوقوع في ركود مزدوج مرة أخرى". ورأوا أن "معدل النمو سينخفض في بقية العام الحالي والعام المقبل إلى أقل من 3% ، فيما كانت نسبة النمو في الفترة من يناير وحتى يونيو الماضي نحو 3.5%".

وكان عجز الموازنة العامة قد شكل خطراً شديداً على الاقتصاد الوطني الأمريكي حيث أجبرت الخسائر في عائدات الضرائب التي تحصلها الدولة والحكومات المحلية على خفض الخدمات وتسريح العمال. وهو ما أدى لانخفاض ثقة الأمريكيين في الاقتصاد الأمريكي. وأشارت توقعات الخبراء إلى أن "المتسوقين سيحجمون عن إنفاق المزيد من الأموال في النصف الثاني من هذا العام، وأن السوق الأمريكي لن يشهد سوى نمو ضئيل في عمليات الشراء والبيع في العام المقبل فقط".