قبل أن تكون لمدينة (أبوعريش الفل) بلدية، كانت طرقاتها جميلة كالفل، على الرغم من عدم وجود أي عامل نظافة، حيث تقوم كل أسرة بنظافة واجهة منزلها، فتنظف البلد كلها حين تلتقي الجارة جارتها في منتصف الطريق المحاذي لبيتيهما وبيد كل منهما مكنستها المصنوعة من سعف النخيل؛ ويتكرر المشهد في كل مدن وقرى منطقة جازان؛ وخاصة ليلة دخول رمضان وبقية لياليه المقمرة، وكذا في ليالي الأعياد حتى إنك لا تجد ورقة مهملة في حي من أحيائها.

اليوم تعج المنطقة بعمال النظافة وشيولات رفع المخلفات وسيارات الكنس، بينما القمائم في توالد مستمر، وبقايا المخلفات تسرح وتمرح مع كل هبة ريح.. تعبث بالمدينة.. تجرح العين الحزينة.. تشتكي: أين الحدائق أين ربان السفينة.. أين أنتِ أيتها الأيدي الأمينة.. هل مشاريعي ستنهض، أم ستبقى قيد أدراجٍ دفينة؟!

نظافة المدينة ليس أمراً صعباً، أو عملاً خارقاً.. كلا، بل هو في متناول أيدي أبنائها إذا ما أرادوا ذلك؛ فمن المؤلم أن ترى أحدهم يُلقي بقمامته على الأرض أمام منزله ولا يضعها في الحاوية، وآخر يرمي بمخلفاته في الطريق العام من شباك سيارته، وذاك يُلقي بعلبةٍ فارغة في وسط الشارع، وهذا يتخلص من بقايا طعام كان يأكله بينما هو يسير في الطريق (بالمناسبة: كان آباؤنا يربوننا قديماً على أن الأكل في الشارع عيبٌ من عيوبِ الخُلق الاجتماعي).

رئيس بلدية أبو عريش الجديد المهندس حسن آل هتيلة، قام بتغريم رجلٍ ألقى بعلبة فارغة في الشارع؛ ولم يكن هدفه الغرامة بقدر كان ما يهدف إلى أن هذا العمل لم يعد سلوكاً مقبولاً، كما يهدف إلى تعليم درسٍ تكاسلت الأسر عن تعليمه لأبنائها، وتجاهلت المدارس تلقينه لتلاميذها، في الوقت الذي تمتلئ فيه فناءات بعض المدارس ببقايا طعام إفطار المعلمين، وعلب عصائر التلاميذ الفارغة.

أخي حسن، أنا لست مسؤولاً، ولكنني مواطن في هذه المدينة؛ سآخذك ونجوب كل الطرقات والأزقة لنقف معاً على معاناتها، ثم نترك لك المجال لتعمل، وتترك لنا المجال لنكتب، فقد وجدت محافظها أكثر حرصاً على جعلها في مقدمة مدن المنطقة، واطلعت على مشاريع مستقبلها المشرق الذي يطمح لتحقيقه. ونحن نشد على يد كل من يعمل من أجل بناء وطنه.. وفق الله الجميع، وبانتظار خطواتك القادمة.