من المهم جدا أن نقترب من الشباب، نتعرف عليهم كيف يفكرون وماذا يريدون وإلى ماذا يتطلعون. الشباب اليوم لم يعودوا كما كنا نصفهم بعماد المستقبل فقط فهم الآن وقود الحاضر وعدته. إنهم يعرفون أكثر مما نعرف بل وأكثر مما نتصور، المعلومات التي عرفها جيلي في مرحلة الثانوية وما بعدها يعرفها جيل اليوم وهم على أعتاب الابتدائية وربما قبلها، والأفكار والتطلعات والأحلام التي لم نجرؤ على البوح بها حتى وإن كانت تراود أذهاننا إلا في منتصف الثلاثينات من العمر وفي حدود ضيقة جدا أصبحت متداولة شائعة بين طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية وربما قبل ذلك، حالة الرهبة والفزع التي كانت تعترينا أمام المدرس والعسكري والمدير وغيرهم لم تعد موجودة في أذهان جيل اليوم ليس لأن أخلاقهم ساءت كما يحلو للبعض أن يتهمهم لكن لأن معارفهم اتسعت وإدراكهم لمبادئ الحقوق والواجبات كبير وعميق، إذ تتسابق أسئلتهم أمام أي سلوك أو تصرف بحثا عن الأسباب المقنعة والمبررات المنطقية.

أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل فتح قلبه وعقله ومكتبه ومجلسه للشباب وأعطاهم حرية السؤال والحوار والقريبون من الأمير يعرفون أن هذا ديدنه منذ بداية عمله الرسمي لكن الصورة الآن كبرت، والرؤيا اتسعت وتكثيف التوجه للشباب أصبح ملحا أكثر من ذي قبل، وتبعا لذلك تكثفت لقاءات الأمير مع الشباب واتسعت حواراته وتشعبت سبل وقنوات الاهتمام بهم سعيا وراء تحقيق تطلعاتهم وملامسة همومهم ومعرفة مطالبهم وإشراكهم بصورة فاعلة في نسيج تفكير المسؤول حتى تأتي قراراته منسجمة مع معرفته العميقة بالمطالب والتطلعات.

خطوات الفيصل في هذا السبيل تلقى الكثير من التقدير والاحترام في أوساط الشباب من الجنسين فقد أسعدهم هذا التواصل المباشر مع ممثل الملك والمسؤول الأول في منطقتهم وهو تواصل لم يكونوا يحلمون به مع درجة أقل من المسؤولين، ولهذا فإن المأمول أن يتخذ جميع المسؤولين في منطقة مكة من أميرهم قدوة وأن يفتحوا قنوات التواصل والحوار بينهم وبين الشباب وجميع فئات المواطنين، منطلقين في ذلك من قناعة وإدراك عميق بأن دورهم خدمة المواطن، وهي خدمة لن تكتمل ما لم يعرف المسؤول رأي من يخدمه في مستوى الخدمة التي يقدمها له، ولم يعد أمر هذا التواصل شاقا ولا صعبا فالتقنية الحديثة تختصر الوقت والجهد وتحقق الهدف شريطة الصدق والإخلاص والمتابعة والتجاوب مع كل من يسأل سواء عبر وسائل الإعلام أو عبر النت أو اللقاءات المباشرة، ولعل هذا الأمر التواصلي المفتوح يصبح ثقافة شائعة في المنطقة وفي جميع مناطق المملكة ووزاراتها ومؤسساتها فمن المهم أن نسمع بعضنا بعضا وأن نفهم ونتحاور حول ماذا نريد وإلى ماذا نتطلع. إن على المسؤولين الذين يتذرعون بضيق الوقت وزحمة المشاغل عن هموم الناس وأسئلتهم أن يعلموا أن الناس يدركون أن مشاغلهم ليست أكثر من مشاغل أمير المنطقة ولذا عليهم أن يسألوه كيف يفعل كل هذا وهو سيجيبهم قطعا وربما سلفهم أو تبرع لهم ببعض الوقت الذي يعرف أنه يتسع لمن توفرت لديه الإرادة والإدارة.