• عندما يغني الفنان الكبير أبو بكر سالم بالفقيه "من نظرتك يا زين ذقت الهوى مرة.. وكم يقولوا الناس الحب من نظرة، لكن طبعك شين وعشرتك مرّة.. هذا الذي خلاني أنساك بالمرة"، يظهر وكأنه لحظة غريبة بين حياتين مألوفتين، إحداهما شديدة الألم والعناء، والثانية شديدة الطرب والليل الحلو، فلا يدري هو إن كان يتألم أو يغني، ولا يدري الذين يسمعونه إن كانوا يطربون فحسب أم إنهم يواجهون حكايةً ما في ماضيهم أو واقعهم أو خيالاتهم!. http://www. youtube . com/watch?v= VcTRGJDJqAQ • قبل مدة في بيروت فاجأني واحد من كبار الأدباء والمثقفين اللبنانيين، الذي يترجم عن لغتين، ويكتب بثلاث، برجائه أن آتيه بأغنيات أبو بكر سالم كلها في الزيارة القادمة. كان يتحدث عنه بإعجاب تام، ولم أخف مفاجأتي فقد قلت له كنت أتوقع أن واحداً مثلك قضى حياته بين باريس ومدريد وبيروت، وأن واحداً من جيلك ستكون ذاكرته مزحومة بإيديث بياف وخوليو إغليسيس والرحابنة ومصريي الستينات والسبعينات، ولم أتوقع أن سيكون لأغانينا في السعودية واليمن ودول الجزيرة موضع في رأسك ولا في حسّك، فضحك وقال أزيدك من الشعر بيتاً، وراح يردد كلمات "باشل حبك معي" و"إمتى أنا أشوفك".. "ومن نظرتك يا زين". قلت له من تعرف من الفنانين السعوديين؟.. تكلم عن طلال مداح – رحمه الله – ومحمد عبده، وبالتأكيد أبو بكر سالم. سألته: بس؟.. بس!
• ومثل مفاجأته مفاجأة رأيتها في ملامح شاعر مغربي وأنا أسرد عليه كلمات أغنية لعبدالوهاب الدوكالي "ما أنا إلا بشر.. عندي قلب ونظر، ما تبقى شي تحقق فيا" وسألني تعرف الدوكالي؟ وحدثته عن أجيال كان هذا المغربي الجميل "ومرسول الحب" على لسانها، ورجع بسؤال وضحك "وتفهموا هدرتنا؟" قلت له "نفهم هدرتكم.. وعلى الأقل نحاول"!.
• هذه واحدة من فعائل الفن الجميل والفنانين الصادقين، أنهم يمشون بوجدان شعوبهم وبلدانهم إلى أماكن وذاكرات بعيدة جداً، تكون أحياناً فوق توقعنا، ولكم أن تتخيلوا كيف يغني رجل لبناني وخطه الشيب وقضى عمره بين الكتب والبلدان: "لكن طبعك شين.. وعشرتك مرّة!".
• يقول الشاعر المغربي المدهش مبارك وسّاط: أرضٌ وهّاجة.. بعذابات الحجر، تَرفُّ عليها أجنحةٌ بيضاء، خلال أصائلَ بيضاء؛ من هنالك جئت، ولمْ يكن في طريقي من مفاجآت، سوى أن بضع شجيرات كانت، أحيانا، من فرط الدهشة تتحول إلى كمنجات، بينما عيْنُ الحلزون تقتنص ببريقها ألوانَ نمور حالمة"!.