نحتفل من وقت لآخر بعدد من مواهبنا الشابة التي تتميز بقدرات خاصة أوصلتهم إلى اكتشافات وابتكارات واختراعات جديدة حتى سُجلت براءات اختراع بأسمائهم نتيجة لذلك. وحملت لنا وسائل الإعلام هذا الشهرأخباراً مبهجة لتعليمنا العالي تمثلت في طمأنة المجتمع أن التعليم العالي وجامعاتنا تسير في الطريق الصحيح لتحقيق الأهداف التي يتربع على قمتها تركيز البحوث والدراسات على الخروج بنتائج تفضي إلى ابتكارات واختراعات وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو تحقيق اقتصاد المعرفة .وتأتي الشهادة هنا لمعرض جنيف العالمي للمخترعين بدورته المقامه في جنيف بسويسرا في شهر إبريل من هذا العام 2011م والتي حققت فيه المملكة 11 جائزة كان نصيب جامعة الملك سعود منها 64%والبقية لجامعات المملكة. هذه أخبار مبهجة للوطن ممثلة في موسساته وفي قمتها جامعة الملك سعود التي تخرج علينا كل يوم بمفاجآت سارة آخرها ماتحقق في مؤتمر جنيف.
وغني عن القول مانعرفه جميعاً من أن الدول العظمى التي تسمى دول العالم الأول احتلت تلك المكانه بفضل مايتم في جامعاتها من دراسات وبحوث تفضي نتائجها إلى ابتكارات جديدة تحولها إلى صناعات أوصلتها إلى المكانة التي تتربع فيها.. وسبق أن قلنا إن تقدم كوريا كان بفضل جامعاتها حيث شركة سامسونج الكورية هي نتاج جامعاتها وتدر عليها 60 مليار دولار سنوياً وMIT تحقق للولايات المتحدة دخولاً هائله نتيجة الابتكارات التي حولت العالم وقلبته رأساً على عقب بابتكارها GPS واستخداماته World Wide Web (www.) التي حولت العالم إلى قرية كونية والرنين المغناطيسي وغيرها . ويستحوذ خريجوها على النصيب الأكبر من حاملي جائزة نوبل في العلوم والرياضيات والطب وعلى نسبة كبيرة من مؤسسي الشركات التي توظف أعداداً كبيرة من مواطني الولايات المتحدة الأميركية.
لكننا يجب أن نقف وقفة قوية أمام هذا الزخم الكبير من الإنجازات العلمية للمبتكرين في المملكة حتى لا تنتهي الجهود وتنتهي هذه الإنجازات العملاقة عند حد الاحتفاء بها.. ونحن كمواطنين مبتهجين بهذه الإنجازات نسأل ماهي خطوة: "مابعد "؟.
الأخبار لم تحمل لنا كيف يمكن أن تحول هذه الابتكارات إلى صناعات يحقق فيها وطننا اقتصاد المعرفة الذي يعيشه عالمنا اليوم والذي تهدف مؤسسات التعليم في العام الأول إلى تحقيقه؟ ولم تنقل لنا الأخبار كيف يمكن مساعدة هؤلاء المخترعين على استثمار جهودهم بتأسيس شركات خاصة بهم تساعد اقتصاد الوطن على توظيف أبنائه وتصدير منتجات تلك الشركات.
نريد أن تزداد بـهجتنا بالتعرف على السياسات والخطط التي تسعى بشكل عاجل إلى الولوج بقوة في تحقيق اقتصاد المعرفة.. عدونا الأول هو الوقت. ونحن لم نرجهةً محددة ترعى هؤلاء الشباب المتفوقين الذين سجلوا براءات اختراع عديدة لتحويل تلك الاختراعات إلى شركات منتجة. نقدر لتلك الجهات التي رعت تلك المواهب حتى أوصلتها إلى هذا المستوى لكن ليس من مهام تلك الجهات إكمال المسيرة. ولهذا قد يكون من المناسب جداً تأسيس هيئة ذات شخصية اعتبارية مستقلة بكوادرها وميزانياتها لتحويل اختراعات مواطنينا إلى شركات منتجة حتى لا ننزلق في نمطية الروتين وسرد مبررات غياب الدعم والتمويل أو أي مبررات أخرى تضع مثل هذه الإنجازات في الانتظار "on hold" ونحن لانريد ذلك.. نريد هيئة مستقلة تعد خططاً وسياسات تتجاوزالروتين وتتجاوز التبريرات لنرى مصانع قد قامت وشركات قد أسست لنجني ثمار هذه الاختراعات في وقت قياسي لتتحول هذه الابتكارات إلى صناعات تحول بلادنا إلى دولة متعددة مصادر الدخل غيرالقابلة للنضوب. واقتصاد المعرفة غير قابل للنضوب.
والخطوات المتحققة في وصول موهوبينا إلى هذه النتائج الباهرة هي خطوات على الطريق الصحيح.. وستذكرها أجيالنا القادمة بكل التقدير خصوصاً عندما يدركون بعد نضوب البترول أن الوطن كان في أيادٍ أمينة وواعية وذكية وصاحبة حكمة.. إن الإنجازلات التي حققها مخترعونا مكسب عظيم للوطن وثروة نوعية يجب ألا تهدر، وعدم وجود هيئة تحولها إلى شركات ومصانع خسارة عظيمة للوطن وهدر للجهود. الذي نرجوه ونأمله ألا نضِّيع المزيد من الوقت في التفكير والمناقشة والجدل غيرالمثمر. إن فترة "ما بعد" الاختراع هي فترة لا تقل أهمية عن فترة إعداد وتأهيل المخترعين للوصول إلى ما وصلوا إليه. وفي رأيي أنه من غير المناسب تحميل مؤسسات وهيئات إعداد المخترعين من الجامعات وغيرها أعباء فترة "ما بعد" الاختراعات. وأرى أنه من المناسب تأسيس هيئة للمخترعين تركز فقط على هذه الفترة لمساعدة المخترعين على تأسيس شركات ومصانع ينكعس أثرها إيجابياً على مشكلة البطالة بشكل خاص وعلى اقتصاد الوطن بشكل عام. بلادنا بما حباها الله من خير وفير ورجال حكماء تستطيع استثمار هذه الإنجازات بذكاء ووعي وبالسرعة الممكنة.إنها تحقق لنا اقتصاد المعرفة هذا الهدف الذي أصبح سمة بارزة من سمات عصرنا الحاضر. ومن غير المناسب ألا تعيش بلادنا اقتصاد المعرفة في عصر اقتصاد المعرفة. نتفق جميعاً أنه لا فائدة من تلك الجهود إذا لم نعمل كبقية دول العالم الأول على استثمارها في تحقيق هذا الهدف.. أرجو أن يطمئننا من يهمه الأمر بأن هناك تفكيرا جادا لاستثمار هذه الإنجازات الكبيرة. وتحويلها إلى مصانع وشركات.. فالعمل الجاد والجهد الكبير يجب ان يبدأ .
ماتحقق إنجاز كبير، لكنه لايكفي إلا إذا رأيناه مـاثلاً يدرعلى وطننا دخلاً كبيراً ويوظف أعداداً كبيرة من مواطنينا.. ويكفل لنا بعد تـوفيق الله الرفاهية التي ننشدها كنتاج لتلك الابتكارات.. إنها أخبار سارة ستكفل لكل من يجد فرصة من مـواطني هذه البلاد في محفل علمي أو لقاءات نوعية أن يتحدث معتداً ومـنتشياً بهذه الإنجازات.. وسيكون الحديث أكثر مصداقية إذا تُوّج بالقول إن استثماراتها ماثلة للعيان.