بمجرد إعلان زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى لبنان يوم الجمعة المقبل وإمكانية تقاطعها مع زيارة مرتقبة للرئيس السوري بشار الأسد( بدأ الحديث عن قمة ثلاثية تجمع الملك عبد الله والرئيس الأسد والرئيس اللبناني ميشال سليمان في بيروت) فإن الغيوم الملبدة التي حجبت سماء لبنان منذ الخطاب الأول للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وموقفه التصعيدي من المحكمة الدولية وإمكانية اتهام عناصر في حزب الله بتنفيذ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بدأت بالانحسار التدريجي، لما للزيارة من معان سياسية كبيرة، أهمها، حسب مصدر سياسي قريب من القصر الجمهوري، تأكيد المملكة وقوفها إلى جانب لبنان ومعه في الملمات ومواجهة كل ما من شأنه تهديد الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، أيا كان حجمه ونوعه ومصدره.

ويقول المصدر إن زيارة الملك عبد الله ليست منفصلة عن الإستراتيجية التي أطلقتها المملكة منذ قمة الكويت، وهي إستراتيجية درء الأخطار عن الأمة العربية دولا وشعوبا، عبر تثبيت وتوطيد نهج المصالحة العربية العربية وجعلها الغطاء القوي لحل النزاعات والمشكلات والخلافات التي قد تنشأ هنا وهناك بروح الأخوة والمسؤولية والمصالح المشتركة.

ويشير المصدر إلى أنه ليس من الصدفة أن تسبق زيارة الملك عبد الله إلى بيروت قيامه بعقد قمم ثنائية مع الرئيس المصري حسني مبارك ومن ثم مع الرئيس السوري بشار الأسد. ففي هاتين القمتين ومن ثم لقاء القمة مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي سيستقبل أيضا أمير دولة قطر الشيخ حمد بن عيسى آل ثاني، تمهيد مباشر للعمل معا على نزع فتيل التفجير المعد للبنان، حيث وصلت معلومات إلى أعلى المراجع اللبنانية والعربية بأنه خطير ولا يستهدف لبنان وحده.

وبدا واضحا أن حزب الله، وعلى الرغم من مسلسل التصعيد الذي بدأه وهو كان يستعد لرفع سقفه عاليا في الخطاب الذي كان سيلقيه نصرالله في 30 الجاري، قد فهم الرسالة السياسية التي تمثلها زيارة كل من الملك عبد الله والرئيس الأسد إلى بيروت، مما دفعه إلى تأجيل خطاب نصرالله إلى الثالث من الشهر المقبل بهدف قراءة المعطيات والتطورات والنتائج التي ستفضي إليها محادثات الزعماء العرب في بيروت. كما ظهر جليا أن المناخ المتوتر الذي "زنر" الأدبيات السياسية لحلفاء حزب الله وأطراف 14 آذار أيضا بدأ ينحسر ببطء ترقبا لما ستؤول إليه الحركة السياسية النشطة التي أطلقها الملك عبد الله في إعلانه عن جولته العربية.

وسجلت الساعات الأخيرة في بيروت ترقب واهتمام جميع الأطراف السياسية لزيارة الملك عبد الله، وأجمعت مصادر عدد من الأحزاب في المعارضة والأكثرية على حد سواء على وصف الزيارة بالتاريخية، كونها تأتي في لحظة الاشتعال السياسي والكثير من القلق الأمني. وقال مصدر في قوى 14 آذار لـ" الوطن" إنه يتمنى أن تقرأ المعارضة وحزب الله المعاني الحقيقية لهذه الزيارة وتزامنها مع زيارة الأسد إلى بيروت، وأضاف "عليهم( المعارضة) أن يفهموا أن مرحلة 7 أيار والتهديد بالخيار العسكري قد أَفُلت إلى غير رجعة، وأن لبنان لم يعد متروكا للافتراس السهل."