على موقع العربية الإلكتروني، تعتزم مجموعة مالية سعودية استثمار ثمانية مليارات دولار لتنفيذ مئتي ألف وحدة سكنية في مصر الشقيقة لمتوسطي ومحدودي الدخل، وتقدمت بعرضها إلى رئاسة الوزارة المصرية. وتعليقاً على العرض (أكد رئيس الوزراء، عصام شرف حرص الحكومة المصرية على تشجيع رجال الأعمال "الشرفاء" على إقامة المشاريع الاستثمارية الجادة، مؤكداً أن الحكومة ترحب بأي مستثمر "شريف" لدخول سوق الاستثمار المصرية). وبالطبع أضع ألف خط تحت مفردة "الشرف" مثلما وضعتها بين الأقواس، لأنني ألمس وأشم وأشاهد وأسمع همزاً ولمزاً بالخصوص في حق المستثمر السعودي بالتحديد، وأستطيع قراءة هذا في تعليقات القراء على أخبار الاستثمار السعودي في الصحافة المصرية. ومصر، ثورة وقيادة، لم تناقش حتى اللحظة اتفاقياتها مع إسرائيل السياسية أو حتى الاقتصادية، ولذلك أشعر بالغصة حين تترادف مفردة "الشرفاء" مع عناوين الأخبار تجاه المستثمر السعودي وكأنها ـ تبطن المفردة المناقضة ـ وليس دفاعاً عن الأمير الوليد بن طلال في قصة "توشكي" ولكنني ضد أن يساوم أو يطرح استثماراته للحوار والنقاش، لأنهم (إخوتنا في مصر) هم من استدعوه مع عشرات السعوديين من رجال الأعمال الذين ذهبوا بملياراتهم إلى بلد صديق شقيق، ثم نكتشف أن مفردات "الأصدقاء والأشقاء" مجرد كربون ورقي، فكلمة "المستثمر الشريف" تعني السعودي الشريف، والأخيرة تحتمل نقيضها لوصف ما سبق الثورة. وحين تذهب المجموعة السعودية الجديدة في الخبر بعاليه إلى استثمارها الملياري الضخم، في مصر أو غيرها، فإنها وحدها من يتحمل اللوم وهي تترك الفرص الاستثمارية الهائلة في الداخل السعودي، وبالخصوص حين نعلم أن حركة الإعمار المحلية تحتاج لمليون وحدة سكنية في الأعوام الخمسة القادمة، وأن حجم الملاءة المتوقع لهذه الورشة العمرانية الهائلة في ذات الفترة يوازي حجم الموازنات العامة لدول أفريقيا العربية في عامين كاملين. هؤلاء يذهبون بملياراتهم في ظروف ملتبسة، وأقل ما على هؤلاء أن يستوعبوه ليس إلا كلمة "الشريف" المرادفة لمفردة المستثمر السعودي، فهذه الكلمة بتبعاتها المقابلة على النقيض ليست لهم فحسب: إنها لنا جميعا. لكل سعودي.