كنت دائما معتادة على سماع صوت احتكاك عجلات السيارة على الإسفلت, في فترة من فترات حياتي، كان هذا الصوت مرعبا! ويجلب لي تخيلات غير محببة أبدا.. خصوصا إذا كان متبوعا بصوت سيارة إسعاف.. الآن أصبحت معتادة على سماع هذا الصوت.. اسمعه وأنا في الجامعة وأنا في البيت اسمعه.. لم يكن بالصوت الغريب, بل أصبح مألوفا إلى حد ما..
اليوم: كنت اقرأ, وسمعت هذا الصوت وقلت في نفسي (إيه حادث..!), ثم تردد هذا الصوت أكثر من مرة.. استغربت.. حيث إن التفحيط دائما ينتهي بموت أحد ما.! أو بوجود الدورية! ما بالهم اليوم الشباب؟ مازالوا يفحطون؟ بعد دقيقة.. لمعت في ذهني الحقيقة.. وأن هذا التفحيط لم يكن سوى احتفال بالإجازة الصيفية على الطريقة السعودية.. فاليوم الذي سمعت فيه ذلك هو الأربعاء.. آخر أيام الامتحانات عند طلاب المدارس الثانوية..
هنا أعود لأسأل نفسي.. متى سيقلع شبابنا عن التفحيط؟ بالرغم من الأرقام المفزعة في الصحف, بالرغم من الحملات التوعوية الخيرية التي يقوم بها مشايخ المنطقة في توعية الشباب.. مازال الصوت المزعج يُسمع.. ومازالت وفيات الحوادث والخسائر البشرية في ارتفاع.. السبب في اعتقادي يعود إلى تبلد إحساس شبابنا.. كيف لا يـتبلد وهم يتغذون على الفضائيات؟ وعلى أفلام الاكشن التي تحـفز وتبعث روح (الشر, وعدم تحـمل المسؤولية, وان الخير والشجاعة والرجولة تكمن في المجازفة بأرواح من حولهم) وتباً للإعلام.. أغلب المفحطين هم مراهقون من هذا النوع, في ظل غياب الوعي من قبل الوالدين الذين يفتقدون غالبا إلى ثقافة مناسبة. واعتمادهم فقط على الدعاء (الله يصلح عيالنا).
الدعاء مفيد حقا لكن الله أيضا أمرنا بالأخذ بالأسباب! مراهقونا متبلدو الإحساس.. ولن يتوقفوا عن التفحيط إلا عندما يقتلون شخصا ما.. أو يقتلون أنفسهم أو أن يصابوا بعاهة.. هذه هي الحقيقة.. فلا أخبار الصحف عن معدل الوفيات تهمهم ولا اللافتات الموزعة في كل مكان عن الأرقام المفزعة المكتوبة بالـدم تعني لهم شيئا! وهم يعلمون أيضا, في حال دخولهم للحجز أنهم سيخرجون بالـ"واسطة"..
فمن المسلم به أن (من أمن العقـاب..أساء الأدب!)، وأنا أقول لكم.. بأن (ساهر) لن يعـمل طالما هناك فيتامين (الواسطة) يسري في دم هذا المجتمع.