حين عرضت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون على باكستان المساعدة الأسبوع الماضي في تصدير المانجو إلى الولايات المتحدة في محاولة لتلطيف المشاعر المعادية للولايات المتحدة، كان ذلك العرض بمثابة الفصل الأحدث في تاريخ الفاكهة الطريف من الدبلوماسية والتآمر. وجاء عرض كلينتون بعد ثلاث سنوات من فتح إدارة بوش السوق الأمريكية أمام المانجو الهندية مقابل السماح لشركة هارلي ديفيدسون ببيع دراجاتها النارية الشهيرة في الهند، وهو اتفاق أوجد النوايا الحسنة في وقت أتم فيه البلدان اتفاقية نووية مدنية.
ودبلوماسية واشنطن المدفوعة بالمانجو هذه المرة هي جزء من جهود مساعدة أوسع بقيمة 7.5 مليارات دولار تهدف إلى تحسين صورة الولايات المتحدة في باكستان، وهي الخطوة التي يأمل المسؤولون أن تتيح للحكومة الباكستانية مساحة أكبر للتعاون من أجل تحويل دفة الحرب في أفغانستان.
وقالت كلينتون خلال زيارتها لإسلام أباد "أنا شخصيا أضمن المانجو الباكستانية الشهية وآمل أن أرى الأمريكيين قادرين على الاستمتاع بها في الأشهر القادمة".
ولا مفاجأة في وزن المانجو الثقيل في الدبلوماسية حيال جنوب آسيا، نظرا لأن العلماء يعتقدون أن الفاكهة الحلوة المكتنزة ظهرت في المنطقة قبل أن يقدم الرهبان البوذيون والتجار الفارسيون النبتة إلى مناطق أخرى من العالم. وتعتبر باكستان والهند المانجو الفاكهة الوطنية للبلدين، ويشتهر الصيف عندهما بمشاهد وأصوات البائعين المتجولين بأكوام من المانجو الطرية حلوة الرائحة أو عصرها لتكون مشروبات طازجة تلطف من حرارة الشمس الحارقة.
وتبادل مسؤولون من كلا البلدين أقفاص المانجو على مر السنين في محاولة لتهدئة التوترات بين الندين المسلحين نووياً اللذين خاضا ثلاث حروب منذ تقسيم الهند البريطانية إلى دولتين منذ ما يربو قليلا على ستين عاماً.
وربما يكون رئيس الوزراء الباكستاني السابق ضياء الحق هو الذي بدأ التقليد حين تبادل المانجو في أوائل ثمانينيات القرن الماضي مع رئيسة الوزراء الهندية في ذلك الوقت أنديرا غاندي. وتم التبادل قبل بضع سنوات من مقتل ضياء الحق في تحطم طائرة أنحت فيه نظريات المؤامرة باللائمة على قفص مانجو وضع على متن الطائرة قبل لحظات من إقلاعها افترض أنه رش بغاز سام قتل الطيارين وغيرهم من الركاب.
لكن مثل كل شيء آخر تقريبا، كانت المانجو مصدرا للتوتر بين باكستان والهند، نظراً لأن البلدين يعدان بعضهم البعض متنافسين في سوق التصدير. وتتجادل الهند وباكستان بشأن من يزرع المانجو الأفضل، وهو الجدل الذي يشبه الصراع بين لبنان وإسرائيل بخصوص ملكية طبق الحمص.
وإن مضت الخطة قدماً، فسينال الأمريكيون فرصة للقيام باختبار المذاق الخاص بهم فور دخول المانجو الباكستانية إلى السوق الأمريكية. وتخطط الولايات المتحدة لشحنات تجريبية في وقت لاحق العام الجاري وتعهدت بدعم برنامج على مدى ثلاثة أعوام لتشجيع تصدير المانجو الباكستانية بحراً إلى أمريكا، أكبر مستورد للفاكهة عالمياً. والمبادرة هي جزء من برنامج بقيمة 21 مليون دولار للنهوض بالزراعة في باكستان. وستساعد الولايات المتحدة في تمويل منشآت معالجة المياه الساخنة وماكينات الفرز ومنشآت التخزين الباردة.