عقد مركز القيادة الأكاديمية بوزارة التعليم العالي ورشتي عمل لوكلاء الجامعات السعودية في رحاب جامعة الملك فيصل في الفترة من 28- 29 ربيع الآخر 1432، وحضر هذه الورشتين عدد كبير من وكلاء الجامعات المسؤولين عن الجوانب الأكاديمية، والبحث العلمي، والجودة في التعليم الجامعي، وقد شملت مسارين متزامنين: المسار الأكاديمي بعنوان "تحقيق الجودة العالية في التعليم الجامعي"، والمسار البحثي بعنوان "تطوير استراتيجية للبحث العلمي وبناء القدرات للبحث الإبداعي"، وهذه الجهود من المركز مشكورة، ومقدرة، ونتطلع إلى المزيد من هذه الأنشطة التي تهدف إلى إثراء جوانب مختلفة لقيادات الجامعات السعودية، وقد كان لهذا اللقاء عدد من الجوانب الإيجابية في موضوع ورشتي العمل، وتم تعارف القيادات الأكاديمية، وتبادل الخبرات في مختلف المجالات، وتمت مناقشة بعض الجوانب في أثناء فترة الاستراحات، أو في أثناء الأوقات بعد انتهاء ورش العمل، ومع أن هناك فوائد عديدة لمثل هذه اللقاءات؛ إلا أن هناك بعض الملحوظات التي تم تسجيلها على هاتين الورشتين، وعرضها هنا بهدف الاستفادة منها، وعدم تكرارها في ورش عمل، ولقاءات قادمة.
فقد تم تنفيذ هاتين الورشتين بالتزامن حيث تم فصل المسار الأكاديمي عن المجال البحثي، وكل مسار له جلسات عمل، أو محاضرات مختلفة، ومتحدثون مختلفون، وهنا أرى أنه لا يمكن فصل هذه الجوانب عن بعضها، وجعل بينها حواجز، وكان بالإمكان اختصار هذه البرامج، ودمج هذين البرنامجين مع بعض بنوع من التركيز على موضوعات تخدم كل الأطراف المستفيدة، فقد كان البرنامج على مدى يومين لكل مسار، وهو طويل إلى حد ما، وتم التركيز على المحاضرة في عرض ما لدى المحاضرين بشكل كامل، ولم تكن به أنشطة تطبيقية كما هو متوقع من أي ورشة عمل، وهذا ما جعل برنامج الورشتين شبه جاف.
كما أن المتحدثين في الورشتين نقلوا خبراتهم من واقع تجاربهم في جامعاتهم الأمريكية بشكل مكثف، وهذا شيء طبيعي؛ لأن كل متحدث يعرض خبراته التي تمثل نقاط القوة عنده، وكان يتوقع من المتحدثين تقديم الخبرات الأكثر نجاحاً في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام، وإعطاء بعض الأمثلة من واقع جامعاتهم بشكل خاص بين الحين والآخر.
كذلك كان التفاعل بين المتحدثين، والحضور من وكلاء الجامعات محدوداً نظراً لأن أغلب ما قدم من معلومات، وتجارب، وخبرات خلال العرض ليس بجديد على أكثر المشاركين من الوكلاء؛ فالكثير منهم لديه معلومات، وتجارب، وخبرات تراكمية عن الموضوعات التي تمت مناقشتها في هاتين الورشتين من خلال تجاربهم الشخصية، والممارسة الفعلية لهذه الجوانب، وهذا يتطلب أن تكون لدى المحاضرين معلومات كافية عن المستفيدين، أو المشاركين في ورش العمل، وخبراتهم، ومجالات عملهم لكي تفيدهم في التخطيط، واختيار محتوى ما يقدمونه.
وقد يكون من الأفضل أن يتم تقصي آراء المستفيدين، والتعرف على توقعاتهم من ورش العمل من خلال التعرف على الموضوعات التي يحتاجون مناقشتها، ولديهم احتياجات تدريبية فيها، وبذلك تكون مثل هذه الورش، والبرامج التدريبية مبنية على الاحتياج الفعلي، من ثم تعود بالفائدة على المشاركين، وتحقق ما يتطلعون إليه، ومن خلال مناقشة بعض المشاركين في الورشتين لمست من الكثير منهم بأن كثيرا من الجامعات السعودية متقدمة بشكل كبير عما عرضه المتحدثون من خبرات، وتجارب، وقد تستفيد مما عرض بعض الجامعات الناشئة بشكل أكبر، الجانب الآخر الذي ركز المحاضرون عليه هو عرضهم لخبراتهم، وتجاربهم الشخصية في الجامعات التي يعملون بها، وأنا على يقين بأن هناك من القدرات، والكفاءات المحلية في الجامعات السعودية التي لديها خبرات تراكمية، يمكن الاستفادة منها بشكل مباشر في مثل هذه الأنشطة، وهذا لا يقلل من شأن الخبرات الخارجية، ولكن من خلال استقطاب بعض الخبرات المحلية في مثل هذه الورش يمكن أن نتفادى الفروق في الأنظمة، واللوائح، والجوانب الثقافية الأخرى بين المحاضر، والمستفيد، مع أن هناك بعض الجوانب العامة التي تشترك فيها جميع مؤسسات التعليم العالي في العالم.
وهنا أود التأكيد على أهمية مثل هذه الورش، وعلى اختيار التوقيت المناسب لها، وعلى اختيار المحاضرين المدركين لخلفية، وتطلعات المستفيدين من هذه الفعاليات، وأن يكون الزمن المخصص لكل ورشة في حدود يوم عمل كامل، والتركيز على الموضوعات التي يحتاجها أغلب المشاركين.