أكد الخبير الاقتصادي المدير السابق لمركز صالح كامل لدراسات الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر الدكتور محمد عبدالحليم عمر أن الزكاة ليست عقوبة على الأغنياء وإنما هي عين العدل لضمان استقرار المجتمع.

وقال عمر الذي كان يتحدث أخيرا في إطار نشاط الموسم الثقافي للمجلس الأعلى المصري للشؤون الإسلامية بالقاهرة إن الزكاة جزء من مال الأغنياء يمثل حقاً للفقراء والمحتاجين من أجل سد حاجاتهم حتى يمكنهم العيش والحياة، وبدون تحقيق ذلك سوف يختل الاستقرار في المجتمع ويحل بدلاً منه التناحر والشقاق وهما من أهم أسباب الخوف والفزع، ولأن وجود أفراد في المجتمع يعانون الجوع والبؤس والحرمان بجانب وجود إخوة لهم في الوطن أغنياء يؤدي بهم إلى الحقد والحسد مما يدفعهم إلى الاعتداء على الأغنياء وأموالهم وينتشر الانحراف والإرهاب والفكر المتشدد ويعيش المجتمع كله في حالة خوف وترويع مما يفقد معه الأمن، والزكاة من أهم الأساليب التي تحقق التكافل من أجل سد حاجة المحرومين, وبذلك فهي تعمل على استتباب الأمن للمجتمع.

وأوضح عمر الزكاة تنطوي على مجموعة من الخصائص من أهمها أنها الركن الثالث من أركان الإسلام يؤديها المسلم عبادة لله عز وجل لنوال البركة من الله عز وجل في المال لقوله تعالى: "وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ" وأنها تمثل حقاً للفقراء والمحرومين لقوله تعالى: "وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ".

وأضاف عمر أن انتظام الاقتصاد في أي مجتمع هو من أهم عوامل استقراره وإشاعة الأمن والطمأنينة فيه، ومقياس نجاح أي اقتصاد هو تحقيقه لكل من الكفاءة والعدل معاً.

وطرح الدكتور عمر عدة مقترحات لتفعيل دور الزكاة في تحقيق الأمن المجتمعي ومنها الجانب المؤسسي، وقال: الأصل أن تقوم الحكومات بدورها وواجبها نحو الزكاة إدارة وتحصيلاً وصرفاً من خلال مؤسسة مركزية ومؤسسات فرعية في الأقاليم مشكلة من عناصر حكومية وشعبية، ولكن لما كان ذلك غير مطبق في الكثير من الدول الآن, لذلك نقترح إنشاء صناديق للزكاة لدى فئات المجتمع الصغير مثل صندوق الزكاة لعائلة كبيرة في محل العمل أو في العمارات الكبيرة أو الحي أو القرية والجمعيات الأهلية لجمع الزكاة وصرفها محلياً على فقراء الحي مما يساعد على استقرار الأمن في هذه المجتمعات، أما بالنسبة للجانب الإداري فيكون بوجود مندوب مقيم عالم بأحكام الزكاة يقوم بمقابلة المزكين وإعداد بطاقة تعامل لكل مزك إلى جانب تعيين مندوبين لجذب المزكين بمكافأة، ثم إعداد تقارير وقوائم مالية لتحصيلات الزكاة وصرفها والإعلان عنها للمزكين وغيرهم.

ودعا عمر إلى نشر الوعي والإعلام بأهمية الزكاة دينياً واجتماعياً واقتصادياً بواسطة رجال الدعوة والملصقات والنشرات وإعداد كتيبات فيها معلومات مختصرة حول كيف تزكي مالك؟! وعقد اجتماعات وندوات ومحاضرات للتوعية بالزكاة حتى يتم تفعيل دور الزكاة في الحد من الفقر والحاجة بما يؤدي إلى إشباع حاجات الفقراء والمحتاجين فتطمئن نفوسهم وينعمون بالأمن الاقتصادي ويحفظون للأغنياء المودة والمحبة بما يجعل الجميع يعيش في أمان ويتحقق الأمن الاجتماعي.