أطلق مجمع اللغة العربية بالقاهرة مساء أول من أمس معجمًا جديدا يعنى بالمصطلحات الجغرافية، والذي أصدره المجمع لدعم رسالة التعريب.

وقال رئيس المجمع ورئيس اتحاد المجامع اللغوية العربية الدكتور محمود حافظ لـ"الوطن": لقد عكست ثورة المعلومات والاتصالات، وعلوم الأرض والفضاء، الحاجة الشديدة إلى تعريب مصطلحاتها الأجنبية التي باتت تمثل عبئًا على القارئ العربي، ولم يكن أمامه إلا أن يتناولها بلغتها، دون الالتفات إلى أن الكثير منها إنما ينحدر من أصل عربي، ومع تزايد الاهتمام بهذه العلوم ومصطلحاتها، فقد كان من المفيد العمل على إخراج عدد من المعاجم التي تضم فروعها المختلفة، ولقد كان للجغرافيا نصيب من هذا الاهتمام منذ فترة طويلة، فقد أنجز المجمع معجمه الأول لمصطلحات هذا العلم عام 1974، ولم تكن فروع هذا العلم وشُعبه قد أخذت شكلها الحالي، فقد أصبح للجغرافيا فروع عديدة أخرجتها من إطارها النظري، إلى الإطار العملي والتطبيقي، وأصبح حرىٌّ بالمجمع أن يعيد إصدار معجم للمصطلحات الجغرافية بعد هذه السنوات الطوال؛ ليزخر بآلاف المصطلحات التي تعني المشتغلين بفروع الجغرافيا والعلوم ذات الصلة، فكان هذا الجهد الكبير الذي قامت عليه لجنة الجغرافيا بالمجمع ـ ومقررها الدكتور محمد عبدالرحمن الشرنوبي عضو المجمع ـ التي عملت بجهد لكي يخرج هذا المعجم بهذا الحجم وتلك الدقة، تناولت فيه اللجنة مئات المصطلحات الحديثة التي تضرب في فروع علم الجغرافيا على اختلافها، تلك الأفرع التي أصبحت اليوم من أهم دعائم المعرفة البشرية، اقتصادية واجتماعية، وسياسية، ناهيك عن الفروع الأخرى المرتبطة بالأرض والهواء والمياه، ولم تغفل اللجنة تلك المصطلحات الكمية التي أدخلت ثورة في منهجية هذا العلم.

من جانبه قال الأمين العالم للمجمع الشاعر والناقد فاروق شوشة: إن المجمع يقدم للقارئ العربي هذا المعجم الجديد للمصطلحات الجغرافية، أملاً في تحقيق الفائدة المرجوة منه؛ لتيسير فهم المراجع الأجنبية التي تزخر بهذه المصطلحات، ولقد عنى مجمع اللغة العربية عناية خاصة بالمصطلحات والأعلام الجغرافية، وأفرد لكلٍّ عددًا من الدورات، أقرها مجلس المجمع ومؤتمره، وكان أول نشاط له في هذا المجال تشكيل لجنة لحصر الأعلام الجغرافية والتاريخية الواردة إلى العربية من مصادر أخرى عام 1937، وانحصر عملها آنئذٍ في تصويب ما جاء في خرائط وأطالس مصلحة المساحة المصرية من أعلام جغرافية، وتشكلت أول لجنة للجغرافيا والتاريخ برئاسة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين عام 1947، إلا أن اهتمامات أخرى حالت دون إنجاز شيء يذكر في مجال أعمال هذه اللجنة، وظل الأمر كذلك حتى عُهد إلى الدكتور محمد شفيق غربال أمرها، فضم إليها عدداً من الخبراء من الجغرافيين والمؤرخين، كان من بينهم الدكتور محمد محمود الصياد، الذي عمل خبيرًا باللجنة منذ عام 1960، وكان جُلُّ اهتمامها ـ بالإضافة إلى المصطلحات التاريخية الكثيرة ـ يتمثّل في نذرٍ يسيرٍ من مصطلحات جغرافية عصور ما قبل التاريخ، وهى المدرسة التي كان ينتمي إليها الدكتور الصياد، ولم تكن الجغرافيا قد شهدت هذا الزخم الهائل من الأفرع والتشابكات والعلاقات مع حقول المعرفة الأخرى، ولم تُستحدث لجنة مستقلة للجغرافيا إلا بعد انتخاب كل من: الدكتور محمد عوض محمد، وإسماعيل مظهر، عضوين عاملين بالمجمع عام 1961، وتوالى على رئاسة هذه اللجنة: إسماعيل مظهر، والدكتور محمد عوض محمد، فالشيخ محمد على النجار، فالشيخ عطية الصوالحي، فالدكتور على النجدي ناصف، والدكتور أحمد الحوفي، والدكتور سليمان حزيّن.

أما خبراء هذه اللجنة الذين يقع على عاتقهم عادة جهد كبير، فمنهم المغفور له الدكتور محمد محمود الصياد، والدكتور إبراهيم زرقانة، والدكتور محمد صفي الدين أبوالعز. ومنذ انتخب الدكتور محمد عبدالرحمن الشرنوبى عضوًا بالمجمع عام 2003، أصبح شغله الشاغل حصر ومراجعة ما سبق من مصطلحات أقرّها مجلس مجمع اللغة العربية ومؤتمره، وكان لابد من الرجوع إلى المعجم الجغرافي الذي صدر عنه عام 1974، ليكون الأساس الذي تبني عليه اللجنة مشروعها في إصدار معجم جديد فتم إضافة مئات المصطلحات التي وردت في أعمال اللجنة في السنوات الخمس الأخيرة، مضافاً إليها ما ورد بالمصطلحات العلمية والفنية التي تصدر في نشرات دورية عقب إقرارها بالمؤتمر السنوي للمجمع، منذ عام 1974 حتى الآن، والتي بلغت نحو أربعة آلاف مصطلح يضمها هذا المعجم.