مع دخول فصل الصيف في كل عام تبدأ الاسرة السعودية دائماً في البحث عن مصادر تمويل لمشاريع اجازاتها التي تكون في الغالب مكلفة. ومع تزامن دخول شهر رمضان تزيد الحاجة إلى مصادر تمويل وهو ما يدفع بالكثير بالتعلق في "قشة".

وانتشرت العديد من الاعلانات في الشوارع وعلى أجهزة الصرف الآلي لشركات تقول أنها مستعدة لتقديم التمويل للباحثين عنه بطريقة تصب في صالح الحاصل على القرض ولا تصب في صالح الذي يقدمه.

ويبدو أن شركات التمويل المزعومة هذه فعلاً لا تبالي إلى من تقدم التمويل إذ اوضحت مستثمرون في شركات ومكاتب تمويل في عدد من مناطق المملكة تحدثت إليهم "الوطن" أن هناك تزايد في الإقبال على طلبات التمويل مع انطلاقه إجازة موسم الصيف، مما دعا البعض منها إلى تقديم عروض مغرية لاستقطاب أكبر عدد من الراغبين في الحصول على التمويل رغم تجاوز نسبة المتخلفين عن سدادها قد تصل إلى 50%.

وأكد المستثمرون أن النساء يشكلن نسبة قدرها 20% من الراغبين في الحصول على التمويل، إضافة إلى أن عدد من الأطباء والأكاديميين والمعلمين ممن تتراوح مرتباتهم ما بين 15 ألف ريال إلى 30 ألف ريال سجلوا نسبة 40% من الراغبين في الحصول على التمويل.

ويشير كل من المستثمر محمد العطوي وعبد العزيز القحطاني ومحمد الصبار إلى أن نقص السيولة لدى كثير من المواطنين دعاهم إلى اللجوء للحصول على تمويل لا يتجاوز 30 ألف ريال من مكاتبهم. وأضافوا أن التمويل يعتمد على رأسمال معين يتم صرفه لراغبين، وما يتم تحصيله منهم يتم إقراضه مرة أخرى لآخرين مما يساهم هذا الأمر في زيادة رأس المال. وكشفوا عن طرق التمويل التي عادة ما يعتمدون عليها، حيث يعتمد غالبيتهم على بطاقات الاتصال مدفوعة الثمن أو السيارات، كما كشفوا بأن سبب عرضهم مبالغ بسيطة للتمويل يعود إلى سرعة وسهولة سداد الراغبين في الحصول عليها.

وعن نسبة المتعثرين في السداد ممن حصلوا على التمويل، أكد العطوي والقحطاني والصبار أن نسبة المتخلفين عن السداد تجاوزت في الآونة الأخيرة 50%، ولذلك حرص الكثير ممن يزاولون هذا النشاط على اعتماد منح التمويل على اجتهادات شخصية تجنباً لرفع القضايا في الجهات الحقوقية.

وأضافوا أن الإعلان عن نشاطهم على صرافات البنوك والشوارع هو أسهل وسيلة للإعلان عن نشاطهم نافين بأن يكون ذلك مخالفاً أو يشكل منظر غير حضاري.

"الوطن" ومن خلال جولتها على عدد من مكاتب التمويل في المدينة المنورة وكذلك من خلال التحدث عن طريق بعض ممن يزاولون هذا النشاط وجدت أن سقف الربح يتجاوز 50% من قيمة التمويل وفي مدة لا تتجاوز العامين ونصف.

ورصدت أن معظم ممن يرغبون في الحصول على التمويل هم في العقد الثالث والرابع من أعمارهم، والذين عادة ما يعانون من قروض بنكية في الأساس ويرغبون في الحصول على حلول سريعة من خلال التمويل لسداد الإيجار السنوي أو قضاء التزامات مالية ضايقتهم، أوتراكمت عليهم المديونيات.

من جهته أكد رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في الغرفة التجارية في المدينة المنورة عبدالغني الأنصاري لـ"الوطن" بأن ما تقوم به بعض المكاتب بمزاولة نشاط التمويل مخالفاً للنظام، وأن الجهات المسموح لها بمزاولة ذلك هي البنوك وشركات التقسيط فقط دون غيرها.

وقال إنه في حال حصول تلك المكاتب على تراخيص يستلزم أن تكون شفافة وواضحة في كيفية التمويل، وأن تكون تحت رقابة من قبل سوق المال أو المؤسسة العامة للنقد حتى يتم التعرف على شرعية تمويلها وعدم استغلاله من قبل ضعاف النفوس.

وحذر من خطورة انتشار هذه المكاتب والشركات على الفرد والمجتمع، ومن زيادة عدد المتعثرين عن السداد مما سيساهم في كثرة المعسرين في السجون، وكذلك انتهاء ما يسمى بالطبقة المتوسطة في المجتمع وانعدامها مع استمرار الوضع.

وطالب الجهات الرقابية بسرعة التحرك للحد من انتشار هذه المكاتب والشركات والعمل على توعية المواطنين بثقافة الإقراض وكيفية توزيع نفقاتهم.

من جهته أوضح رئيس لجنة رعاية السجناء في منطقة المدينة المنورة عبدالله المخلف لـ"الوطن" أن 80% من القضايا الحقوقية في السجون هم ضحايا شركات التقسيط، وعادة ما تسعى اللجنة إلى إيجاد حلول عاجلة لها وانهائها.

وكشف عن تلاشي ما يسمى بالطبقة الوسطى في المجتمع والتي تجاوزت النصف عن ما كانت عليه في الوقت السابق، وما يشكله هذا الأمر من خطر قد لا يحمد عقباه في حال الاستمرار.

وأستغرب المخلف من انتشار ظاهرة التمويل والسداد خلال الأونة الأخيرة في معظم مناطق المملكة والتي لم يتوقف الإعلان عنها على مكائن صرافات البنوك فقط بل تجاوز الأمر إلى الإعلان عنها في الطرقات ووسائل الإعلام.

وطالب بضرورة تدخل سريع لوزارة التجارة للتعرف على آلية هذه الأنشطة والأجندة التي يتم العمل بها كونها الجهة المشرفة على هذه الأنشطة، ومخاطبة الجهات ذات الأختصاص للحد من ذلك.