رغم التراجع في كمية تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم في العام الماضي وسط أسوأ ركود اقتصادي شهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية إلا أن الاستثمارات السعودية التي عبرت الحدود للاستثمار في الخارج تجاوزت 24.3 مليار ريال ومع ذلك تبقى الشركات السعودية هي الأقل على مستوى الخليج فيما يتعلق بالاستثمار خارج الحدود.
ووفقاً لنتائج تقرير الاستثمار العالمي لعام 2010 الذي صدر أول من أمس عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" فإنه لا يوجد شركة سعودية واحدة ضمن قائمة أكبر 100 شركة عابرة للحدود من الدول النامية، في الوقت الذي شهدت فيه القائمة ست شركات عربية من قطر والكويت والإمارات ومصر.
واستغرب كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون إسفاكياناكيس من خلو القائمة من شركات مثل سابك والاتصالات السعودية وصافولا التي لديها عمليات خارجية كبيرة.
وأرجع إسفاكياناكيس في تصريحاته إلى "الوطن" خلو القائمة إلى أسباب من بينها أن القائمة كانت مبنية على نتائج عام 2008 إضافة إلى أن غالبية أصول الشركات السعودية في داخل المملكة رغم أن مبيعاتها العديد منها قائم على الخارج.
وقال إسفاكياناكيس: "هذه النتائج تعكس تفكير الشركات السعودية والتي تهتم في السوق المحلي في الأساس ولا تفكر في الخروج منه إلا بحذر".
وأضاف: "يجب أن نفكر جميعاً بأن يكون الاستثمار في السعودية هو الأساس قبل أي دولة أخرى في الخارج".
وجاءت شركة الاتصالات الكويتية "زين" في المرتبة 11 ضمن الشركات عابرة للحدود من ناحية الأصول الخارجية إذ يبلغ إجمالي الأصول الخارجية للشركة 18.7 مليار دولار من 19.7 مليار دولار مما يعني أن مليار دولار فقط من أصول الشركة موجود في الكويت.
وتقيس القائمة وضعية الشركات بناءً على ثلاث معطيات وهي نسبة الأصول الأجنبية إلى الأصول الإجمالية للشركة إضافة إلى نسبة المبيعات الأجنبية إلى إجمالي المبيعات ونسبة الموظفين الأجانب إلى إجمالي الموظفين.
ومن بين الشركات الست الأخرى جاءت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة "طاقة" في المرتبة 19 نظراً لأن 13.5 مليار دولار من أصول الشركة البالغة 23 مليار دولار هي في الخارج.
ومن بين الشركات الست أيضاً شركة قطر للاتصالات (المرتبة 24) وشركة أوراسكوم تيليكوم المصرية في المرتبة (42) حيث تمتلك الشركة أصولاً خارجية بقيمة 6.7 مليار دولار وتبلغ مبيعاتها الخارجية 2.9 مليار دولار وتمتلك 11.3 ألف موظف في خارج مصر. وفيما يتعلق بالرأسمال السعودي المهاجر أوضح تقرير الاونكتاد أن الاستثمارات السعودية المغادرة بغلت 6.53 مليارات دولار (24.3 مليار ريال) في العام الماضي وهو ما يشكل زيادة قدرها 350% عن مستواها في العام الذي سبقه 2008 عندما تراجعت إلى أقل مستوى لها في السنوات الأربع الأخيرة عند 1.45 مليار دولار.
وأوضح كبير الاقتصاديين في البنك الفرنسي أن هذا الرقم يبدو معقولاً لأن الاستثمارات السعودية وقت الأزمة تراجعت بصورة في بداية الأزمة في عام 2008 قبل أن يعود المستثمرون السعوديون في 2009 إلى الخروج من أجل دعم استثماراتهم الخارجية المنهارة بسبب الأزمة.
وشكل العام الماضي "عنق زجاجة" بالنسبة للاستثمارات الأجنبية على متسوى العالم بعد تراجعها 39% وهو ما تسبب في تراجع الاستثمارات الأجنبية القادمة إلى المملكة بنسبة 7% ومع ذلك شهدت المملكة استثمارات بقيمة 133 مليار ريال (35.5 مليار دولار).
وبحسب تقرير الاونكتاد، كانت البحرين أكثر الدول الخليجية تضرراً في العام الماضي إذ تراجعت نسبة الاستثمارات الأجنبية القادمة إليها بنسبة 86% إلى 257 مليون دولار بعد تراجع رغبة المستثمرين السعوديين في وضع فوائضهم المالية تحت تصرف البنوك البحرينية التي كانت بمثابة "الاوف شور ماركت" بالنسبة للمستثمرين السعوديين.
وجاءت الإمارات في المرتبة الثانية من ناحية التضرر بعد البحرين إذ تراجعت الاستثمارات الأجنبية القادمة إليها العام الماضي بنسبة 70% إلى 4 مليارات دولار.
وفي الوقت الذي شهدت فيه الاقتصادات الخليجية الكبرى تراجعات أظهرت قطر والكويت قدرة على جذب استثمارات في العام الماضي بنسبة أعلى من العام الذي قبله.
وتمكنت قطر من جذب 8.7 مليارات دولار في العام الماضي وهو ضعف الاستثمارات التي دخلتها في العام الذي سبقه عندما سجلت 4.1 مليار دولار، إلا أن الاستثمارات القطرية المغادرة تراجعت كذلك بنحو النصف عن مستواها في العام الذي سبقه.
وتوزعت الاستثمارات الأجنبية الواردة للسعودية العام الماضي على عدد كبير من القطاعات الرئيسية أهمها القطاعات الصناعية ومنها صناعة البتروكيماويات وصناعة تكرير النفط ، الخدمات المالية "البنوك والتأمين"، الاستثمارات في العقارات والبنية التحتية وقطاع المقاولات، قطاع النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، قطاعات التعدين واستخراج البترول والغاز.
وبين تقرير الاستثمار العالمي، أن تحليل بيانات تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المملكة، كشفت عن أن أكبر التدفقات من حيث المصدر في عام 2009 تعود للولايات المتحدة، حيث بلغت الاستثمارات الأجنبية منها نحو 22 مليار ريال، تليها دولة الكويت بحوالي 16 مليار ريال ثم الإمارات من خلال استثمارات واردة بلغت نحو 14 مليار، وفرنسا بحوالي 10 مليارات ريال، واليابان بحوالي 8 مليارات ريال.