دافع ثلاثة شعراء عما يسميه النقاد (شعر المناسبات)، إذ لم تعد تخلو مناسبة أيا كانت في المجتمع السعودي من حضور الشعر، ولكن في إطار السائد لمفهوم الشعر الذي ترسخ في العقدين الأخيرين، حيث يتنوع ما بين قصائد (وطنية واجتماعية أو شخصية وغيرها).  شعراء هذه المناسبات الذين يمكن اعتبارهم أعداء حقيقيين للنقاد، يتأثرون بتكرار المناسبات دون أن يكون للنقد والنقاد أي اعتبار أو تأثير على إبداعهم.

فالشاعر عبدالقادر الزمزمي يقول لـ"الوطن":" ما من مناسبة إلا وتفتق لدى الشاعر قريحته فيحاول الشاعر أن يجسد هذه المناسبة شعرا بما ينتقيه من كلمات قد تتناسب مع نوعية الحدث الذي يعيشه، سواء مناسبة أفراح أو أخرى وطنية، مضيفاً أن قوة قصائد المناسبات وبلاغتها هي رسالة إلى القريحة عند كل شاعر يقدم رسالته بحسب ما يختار لها من مفردات تعبر عن هذه المناسبة تحديدا.

أما الشاعر حسين النجمي فيؤكد أنه لا بد على الشاعر أن يشارك في المناسبات المختلفة سواء كانت وطنية أو اجتماعية.

وفي سؤال عما إذا كانت هذه المشاركات تضيف للشاعر إبداعيا أم تحرقه وتجره للتقريرية والسطحية وتقتل في شعره روح الإبداع، يقول النجمي: من وجهة نظري أرى أنَّ المسألة نسبية وتختلف من شاعر إلى آخر، فالواجب الوطني والاجتماعي والمجاملة أحيانا والرغبة في الظهور الإعلامي والمشاركة.. كل هذه عوامل لا بد أن يراعيها الشاعر، أما التقوقع والحياة في برج عاجي وعدم التفاعل مع المجتمع، فهي ليست في مصلحة الشاعر.

وأضاف النجمي أن الشاعر المتمكن المتجدد الذي يحرص دائما على صقل موهبته بالقراءة والاطلاع يكتب في المناسبات نصوصا إبداعية تزيد تجربته ومساحة قرائه.

أما الشاعر مريع سوادي فيبين أن شعر المناسبات يعتمد على نوع المناسبة ذاتها، فالمناسبات الوطنية ـ على سبيل المثال ـ تعتبر امتدادا لشاعرية الشاعر.

وفي حين يرى زمزمي أن قصائد المناسبات تؤثر إيجابا وليست سلبا على الشاعر.

ولكن النجمي يرى أن الشاعر الجامد تستهلكه المناسبات وتجعله يجتر نفسه ويكرر معانيه ومفرداته مما يؤدي إلى ضعفه ثم سقوطه في التقريرية والنظم.

ويلفت النجمي إلى أن الشعراء الذين يشاركون في المناسبات المختلفة هم الذين يطلق عليهم كلاسيكيون أو تقليديون، موضحاً "لم نر أو نسمع أحدا من أهل الحداثة أو التجديد أو الغموض يشارك في مثل هذه المناسبات".

وهنا يتوقف مريع سوادي قائلا: للأسف نشاهد الشعر الشعبي في حالة من التكسب من قصائد المناسبات، أما الفصيح كقصيدة فلا يحضر في إلا قليلا.

وأضاف سوادي أن القصيدة الفصيحة تختلف أوقات مناسباتها، فهي موسمية، فقد تكون هناك قصيدة أو قصيدتان في السنة؛ بمعنى أنه نادرا ما نجد في حفل زواج أو تخرج من يلقي قصيدة فصيحة. والسبب يعود إلى ثقافة المجتمع ووعيه بالمفردة العامية، ولكن الصدق دائما في القصيدة العامية والشعبي.

ويبرر زمزمي الإقبال على الشعر الشعبي بأنه يعود للشاعر، ويقول: هناك شعراء مبدعون يستطيعون أن يتواصلوا مع الحدث والمناسبة بالشعر العامي أو ما يسمى بالبيئي.

ويذهب مريع إلى أن قصائد المناسبات لا تؤثر مباشرة في الشاعر؛ لأنه شاعر قبل المناسبة وبعدها، ولكن الإكثار من قصائد المناسبات ليس في مصلحة الشاعر، لأنه ليس من السهل كتابة الشعر في مدة قصيرة.