لكل من يود أن يرصد "عسير" من بين السحاب والضباب، بعيون صقر محلّق، أتت الفرصة، عبر مهرجان الطيران الخفيف الذي يقام للمرة الأولى، وتشارك فيه الطائرات الشراعية.
مدير عمليات نادي الجزيرة للطيران في دولة الإمارات، الكابتن حسن شاهين، لم يسمح في المرة الأولى سوى للطيارين فقط بالطيران، لإجراء التجارب، بعد أن تم تركيب الطائرات، وتمكن الطيارون من التحليق، واختبار المدرج. وفي صباح أول من أمس، تمكن رواد متنزه "الحبلة" السياحي من تجربة الطيران بأنفسهم، واكتشاف المتنزهات القريبة.
إبراهيم مشافي البشر، القادم من حائل، وأول من خاض غمار التجربة من السياح، شرح لـ "الوطن" مغامرته، قائلا "هذه المرة الأولى في حياتي التي أرتاد فيها الأجواء، ولم يسبق لي أن خضت تجربة الطيران، سواء كراكب في طائرة كبيرة أو صغيرة .. التجربة ممتعة ومثيرة، ومر الوقت بسرعة، وكنت أتمنى أن أبقى أكبر قدر ممكن في أجواء الحبلة. لقد اكتشفت بعض الأماكن السياحية، وكم كان ممتعا عندما تهادت الطائرة ونحن نطير بجانب الضباب.. الرحلة جميلة، لكن الأكثر جمالاً مرحلة الهبوط، ومنظر الخيام والناس".
حتى الطيارون الذين يغامرون في الأجواء، ويتعرضون لمخاطر شتى، هم الآخرون ينتابهم أحيانا نوع من "الفوبيا"، وهو الأمر الذي رصدته "الوطن" الأربعاء الماضي، حينما تردد الكابتن طيار، الإماراتي حسن العلي، ومعه الأمريكي الكابتن طيار متقاعد، "كيفين"، في مرافقة فريق مهرجان الطائرات الخفيفة، بعضاً من الوقت.
تردد وإقدام
الطيار الإماراتي تجاسر، ودخل العربة المعلقة، أما الأمريكي فنظر إلى زوجته "باربرا" متردداً، لكنها حمسته ليخوض التجربة. 3 دقائق للهبوط، من علو 300م من على قمة جبل "الحبلة"، وصولا إلى القرية التراثية، حيث كانت القهوة والشاي في استقبال الهابطين من السماء، في تلك القرية الوادعة في حضن الجبل.
اكتشاف من الأعالي
لكل من يود أن يرصد "عسير" من الأعالي، بعيون صقر محلق، أتت الفرصة، عبر مهرجان الطيران الخفيف، الذي يقام للمرة الأولى، وتشارك فيه الطائرات الشراعية.
مدير عمليات نادي الجزيرة للطيران في دولة الإمارات، الكابتن حسن شاهين، لم يسمح في المرة الأولى سوى للطيارين فقط بالطيران، لإجراء التجارب، بعد أن تم تركيب الطائرات، وتمكن الطيارون من التحليق، واختبار المدرج. وفي صباح الأربعاء، تمكن رواد متنزه "الحبلة" السياحي من تجربة الطيران بأنفسهم، واكتشاف المتنزهات القريبة. وكان لـ"الوطن" قصب السبق، إذ كانت الصحيفة الوحيدة الموجودة على أرضية المدرج، وعاشت تجربة معانقة زرقة السماء الصافية.
تجربة مثيرة
سمح لي الكابتن "أميت"، الهندي الجنسية، بمرافقته في طائرة تتسع لشخصين فقط، وبمساحة ضيقة نسبيا، حيث تم ربط حزام الأمان، لتسير بنا الطائرة وهي تتهادى على الأرض، إلى أقصى المدرج الشمالي، حيث كانت هناك طائرة أخرى، بقيادة الكابتن حسن العلي. وبحكم الخبرة، فقد سُمح لأبي "حمد" بالتحليق أولاً، إذ ارتفع قليلاً، وبعدها جاءت الموافقة بانطلاق طائرتنا الصغيرة، انطلق "أميت" على المدرج الترابي، وما هي إلا ثوانٍ معدودة، ونحن نحلق في أجواء "الحبلة"، تارة نقترب من طائرة العلي، وتارة تقترب منا، حتى خيّل إليّ أن الطائرتين ستصطدمان في الأجواء، حتى طمأنني"أميت"، وأنا الذي كاد يطير قلبي خوفاً! هذا الخوف واكبه خوف أكثر، ولاسيما نحن نقترب من أطراف تهامة التي تصعد منها تيارات ساخنة، لا تلبث أن تصطدم بتيارات باردة، مشكلة مطبات هوائية متعددة، لطائرة لا يتعدى وزنها الإجمالي 650 كجم. وبمجرد العودة إلى ما فوق متنزه "الحبلة"، هدأ الموقف، وبدأت أكثر جرأه على أن أكتشف المكان بشكل بانورامي، والتقاط الصور من السماء.
الهبوط الخفيف
18 دقيقة حلقت فيها فوق أجزاء من محافظة "أحد رفيدة"، ومتنزه "القرعاء"، ومتنزه "دلغان". سماعات الأذن التي ارتديتها مكنتني من متابعة سير الرحلة لطائرتنا والطائرة المرافقة. هنا وللحقيقة، كنت أود أن أبقى أطول فترة ممكنة، لكن الكابتن "أميت" تلقى التعليمات بالهبوط، وفي لفتة جميلة من الطيار، أحاطني أنه لا يمكنه الاستمرار، وأن علينا العودة. تناول "أميت" ذراعاً في سقف الكبينة وسحبه نحونا، هدأ صوت المحرك، خفت السرعة، وهبطت الطائرة تدريجيا، وبالقرب من المدرج كانت هناك خيمة، يجلس بها بعض الشباب الذين خرجوا ملوحين بأيديهم، هبطنا بحمد لله .. وفتح باب الأرض لنا.
العلبة الطائرة
الصندوق الطائر الخفيف الذي حلقنا به، يخبرنا عنه الكابتن طيار، عبد الله الجلاف، شارحا أن هذه الطائرة صناعة أوكرانية، فيما محركها نمساوي من أربع أسطوانات، بقوة 100 حصان، ولها جناحان ثابتان الطول 9,5 م، وطولها 6 م، وهيكلها مصنوع من الألمنيوم الخاص بالطائرات وخليط من لدائن بلاستيكية خفيفة، وتم إدخالها في الخدمة منذ 1985، وأكثر مستخدميها في بريطانيا وأستراليا من الأفراد، وخصوصاً الطيارين المتقاعدين، وأسعارها تتراوح بين 250 إلى 300 ألف ريال، وهذا السعر رخيص نوعاً ما، بحسب الجلاف، إذا ما تمت مقارنته بنوع مماثل مُنتج في أوروبا الغربية. ويشير الكابتن الجلاف إلى أن هذا النوع من الطائرات "أكثر أمانا من الطائرات الرياضية المماثلة، وتتميز بوجود نظام إنقاذ خاص بها، مكون من قاذف يخترق سقف الطائرة، متى ما واجهت مشاكل قد تؤدي لسقوطها، في أجزاء من الثانية، لتنفتح مظلة يمكنها الهبوط بالطائرة ومن فيها. من جهته عدد الكابتن طيار حسين شاهين، مميزات هذا النوع من الطائرات، قائلا إنه "بإمكانها الهبوط الاضطراري في أي مكان، وإن طريقا بطول 150م قادر على استيعاب هبوطها، ويمكنها الهبوط كذلك على الشواطئ والرمال، وهي تتميز بخفتها، وبإمكانها الإقلاع مرة أخرى عند الهبوط، وبلوغ ألف قدم في أقل من دقيقة واحدة، ولها القدرة على الطيران في كل الأجواء، والمسافة التي يمكن أن تقطعها تعتمد على ارتفاعها، فإذا كانت مزودة بالوقود، تأخذ تقريبا 5 ساعات ونصف الساعة بسرعة بين 140 إلى 180 كلم/ساعة، ويسمح بالطيران بواسطة هذه الطائرات من شروق الشمس إلى الغروب، ومتى ما كانت الرؤية جيدة، إلا أنها لا تستطيع الطيران عندما تكون الرياح عاتية".
طائرات مفضلة
يشير الكابتن طيار حسن شاهين، إلى أن "هذا النوع من الطائرات، يستخدم البنزين 95 أوكتين، وبالإمكان التزود به من أقرب محطة بترول، وأن من السهولة بمكان عمل الصيانة الدورية لها، حيث إن الطيارين القائمين عليها، يقومون بأعمال الصيانة الدورية"، موضحا أن "تصميمها يعتمد على البساطة وسهولة الصيانة، لذلك يفضلها هواة الطيران الرياضي".
احتساب الساعات
الكابتن طيار حسن شاهين "36 سنة"، الذي يعمل مراقبا جويا ومسؤول عمليات في برج مطار دبي، ومدير عمليات بنادي "الجزيرة للطيران"، بدأ الطيران منذ عام 1998 كهاوٍ، وقبل ذلك دخل النادي الذي تأسس قبل 15 عاماً. يقول لنا ومن خلال تجربته، إنه "حاليا في أستراليا وأمريكا تُحتسب الساعات لمن يطير في هذا النوع من الطائرات، التي تمكنه تاليا من الالتحاق بأي شركة طيران، ويعتبر طيارا".
لوحة الطيران
في مخيم الطائرات الخفيفة في متنزه "الحبلة"، ثُبتت لوحة طيران، ووقف الكابتن شاهين ليشرح للجميع خط السير، والمنطقة المصرح بها للطيران، وتردد موجات برج مطار أبها، والارتفاع المصرح، على ألا يتجاوز بأي حال 8500 قدم عن سطح البحر، حفاظاً على الطائرات الكبيرة القادمة إلى مطار أبها.
طريق عسير
المشوار بدأ من إمارة رأس الخيمة، بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهو الطريق الذي يروي حكايته لنا جمال شحاتة، وأحمد تركمان، سائقا المقطورتين اللتين تمت فيهما عملية الشحن من نادي "الجزيرة" حتى الوصول إلى أبها، موضحين أنه "جرى تفكيك الطائرات وشحنها في المقطورات، وتمت المغادرة من الغويتات الإماراتية، ومنها إلى جمرك البطحاء السعودي، حيث تمت الإجراءات المطلوبة، وتمت معاينة الطائرات، وشهادات المنشأ، وتسجيلها، واستغرقت الرحلة أربعة أيام، قطعنا خلالها أكثر من ألفي كيلومتر". وفي "الحبلة"، ساعد جمال وتركمان بقية الطيارين، في إعادة تركيب الطائرات.
العريكة والسمن
وجبة العريكة والسمن، كانت في استقبال الطيارين. حيث قامت السيدة فاطمة شاهر آل جابر القحطاني، بإعدادها كإفطار شعبي، والتي أوصلها ابنها عادل من "سراة عبيدة" إلى خيمة الطيران، حيث اجتمع الطيارون وحرم الكابتن "كيفين" السيدة "باربرا"، متحلقين حول العريكة والسمن، مستمتعين بتذوق العسل البلدي، فيما رغبت السيدة "باربرا" بتعلم طريقة إعداد هذا الفطور الشهي.
هواة كثيرون
وجود الطائرات الخفيفة في أجواء عسير، ليس أمرا مبتدعا، وإنما يأتي في سياقه الطبيعي، بسبب طبيعة المنطقة المواتية، ووجود عدد من الهواة لهذه الرياضة. وفي هذا الصدد يخبرنا عضو اللجنة السياحية والنقل الجوي في المنطقة، مسفر بن جبران السريعي، قائلا "في عسير طيارون كُثر، وهناك هواة أكثر يسافرون إلى الإمارات ودول أخرى، من أجل قيادة هذا النوع من الطائرات"، مشدداً على "أهمية أن تتبنى الهيئة العامة للسياحة والآثار فكرة إنشاء ناد خاص بهذا النوع من الرياضات، التي ستشكل عامل جذب سياحي، سيما وأن المنطقة وأجواءها مؤهلة، وأن هذه الفعالية ستكون سنوية، وذلك للمساهمة في التنمية السياحية الشاملة، التي تستحقها هذه المنطقة، الجميلة بأهلها وتضاريسها وأجوائها".
سائح وتجربة
إبراهيم مشافي البشر، القادم من حائل، وأول من خاض غمار التجربة من السياح، شرح إلى "الوطن" مغامرته، قائلا "هذه المرة الأولى في حياتي التي أرتاد فيها الأجواء، ولم يسبق لي أن خضت تجربة الطيران، سواء كراكب في طائرة كبيرة أو صغيرة. التجربة ممتعة ومثيرة، ومر الوقت بسرعة، وكنت أتمنى أن أبقى أكبر قدر ممكن في أجواء الحبلة. لقد اكتشفت بعض الأماكن السياحية، وكم كان ممتعا عندما تهادت الطائرة ونحن نطير بجانب الضباب. الرحلة جميلة، لكن الأكثر جمالاً مرحلة الهبوط، ومنظر الخيام والناس".