العنوان بالأعلى ليس شاذا، اقتبسته من جواز سفر فتاة ثلاثينية غير سعودية لأم سعودية، ذكرتني بطاقتها الشخصية بأم سعودية تحدثت معها منذ سنوات، وكانت ممن تزوجن بغير سعودي، وحين انفصلا ترك لها ابنها الوحيد طفلا، فباتت محتارة بعد بلوغه 18 كيف تجنبه الترحيل بالبحث عن كفيل لا يبتزها ماديا، وتخيلوا أنها بعد أن حفيت أقدامها لم تجد كفيلا سعوديا له، فكل كفيل لديه سجل تجاري يقول لها: كم تدفعين وأكفله!؟ وتخيلوا لأن خاله / أخاها موظف، وليس لديه سجل تجاري يستطيع أن يكفله تحت مسمى وظيفي معين، اضطر أن يكفله بمهنة سائق! هذه المهنة بقيت عثرة أمام ابنها في الحصول على عمل لكونها سُجلت في إقامته رغم أن أمه سعودية، فيما أم سعودية أخرى اضطرت أن تعاني فراق أحد أبنائها غيرالسعوديين، فلم يستطع الحصول على الجنسية، ولا على امتيازات أمه السعودية في الدراسة ولا العلاج الحكومي ولا العمل، فالأولوية للسعوديين دائما دون الاعتراف بمواطنة أمهاتهم، وفوق ذلك تتكبد أمهم سنويا رسوم تجديد إقاماتهم في ظل بحث مستمرعن كفيل يكفلهم، هكذا ببساطة، ابنها البكر بعد أن أقفلت كل الأبواب في وجهه، وشعرأنه غريب في وطن أمه، ولم يكن لديه حل إلا أن يبحث عن وطن آخر يمنحه الجنسية لأنه فلسطيني، فهاجر إلى سويسرا .
المشكلة تكبر وتكبر حين تكون نتيجة هذه "الزيجات" بنات وحيدات كحال الفتاة الثلاثينية التي اقتبست عنواني من جوازها، إنها يتيمة وأختها الوحيدة معاقة، وهما تدفعان ثمنا باهظا لزواج أمهما من والدهما العربي منذ أربعين سنة حين كانت التقاليد لا تشكل عائقا أمام الرجل الذي ترضون دينه وخلقه، وتوفي والدهما منذ بضع سنوات، ولا يعرفان غيرهذا البلد وطنا، أختها المعاقة بلغت اليوم 40 من عمرها، ومحرومة للآن من أن تحصل على التأهيل المناسب للمعاقين والعلاجات التي تحتاجها لأنها أجنبية، ولم تشفع لها مواطنتها بأن تمنح ابنتيها امتيازاتها على عكس السعوديين الذين يتزوجون من غير سعوديات وإن كنّ غير مسلمات، أما هي فمحرومة من امتيازات أمها رغم البطاقة التي تحملها معها، والممنوحة للمولودات في المملكة من أب أجنبي وأم سعودية من وزارة الداخلية، لكنها ـ مع الأسف ـ لا يعترف بها المسؤولون ولا الجهات الحكومية، وتبقى الأفضلية للسعوديات أمامها! تخيلوا، أنه من التعليمات المكتوبة عليها "تُمنح هذه البطاقة لغرض تسهيل أمور حاملتها في الدراسة والعمل "مع ذلك فهي محرومة من الدراسة الجامعية ومن العلاج في المستشفيات الحكومية ومن العمل أيضا، مع أنها العائل الوحيد لأمها السعودية الفقيرة وشقيقتها المعاقة! وكما أخبرتني"مهددة بالطرد من عملي متى وجدوا أخرى سعودية تحل محلي! "المؤلم أنها الآن خائفة جدا من غد مجهول، فأمها مريضة ومسنّة، وتتساءل "أين سأذهب أنا وأختي بعدها، نحن لا نعرف غيرهذا البلد وطنا ؟!هل سيتم ترحيلنا ؟! وكم أخاف من استغلالنا بعدها نتيجة نظام الكفيل الذي يجب أن نبحث عنه بعدها".
والسؤال الأكثر أهمية أوجهه للمسؤولين؛ إلى متى يستمر تعقيد حياة السعوديات في هذا المجتمع؟ أيعقل معاملة أبناء السعوديات من غير السعوديين ذات معاملة المقيمين في دفع رسوم إقامة أبنائهن في وطنهن!؟ ألا تشفع أمومتهن ومواطنتهن باستثنائهن من هذه الرسوم!؟ معقول هذا التعقيد!؟ وإلى متى؟!