شهد له رائد الخط العربي بالعراق الدكتور سلمان إبراهيم رحمه الله بالمستقبل الباهر لنقله المدرسة الخطية التي يعتز بها العرب إلى المغرب في 1995، ووصف أسلوبه بالمدرسة، لأنه جمع بين الرسم والخط مما ساعده على تفكيك الخط بطريقة معاصرة. إنه الخطاط المغربي محمد أمزيل الذي يرى أن تشريحه للحروف ليس موجودا في الكراسات بطريقة مختصرة تساير العصر وتختصر الزمن، تجمع بين التقليد والمعاصرة، بحيث يتم تناول الحرف بطريقة تأثير الرسم الجرافيكي فيفككه هندسيا ويعطيه مبررات جمالية.

أمزيل المشارك بمهرجان صيف أرامكو والمنبهر ـ على حد قوله ـ من كفاءة المسؤولين وضخامة شركة أرامكو السعودية في التنظيم كانت هذه الزيارة الثانية له بعد مشاركته بقصر طويق بالرياض 1993، قال لـ "الوطن": إن مشاركته في هذا التجمع أعطته شحنات لمزيد من العمل، واعدا بترك بصمة بهذه البلاد الذي تستحق أن يكون فيها تراث خطي، نظرا لأنها قطب في الديانة الإسلامية ولإمكانية المملكة ووزنها في العالم الدولي والإسلامي، حسب تعبيره.

أمزيل الحاصل على العديد من الجوائز الدولية منها ثلاث جوائز بمهرجان إسطنبول للخط في 1993، وذهبيتان بمهرجان بغداد، يوضح أن الحرف العربي كعلم جمالي ليس تقليدا لدروس مكررة.

ويصف أمزيل المدرسة التركية في الخط بأنها الأشهر، وذلك لاهتمام السلاطين العثمانيين مدة خمسة قرون، ذاهبا إلى أن إسطنبول عاصمة الخط والعراق منبع الخط.

وطالب أمزيل بالبعد عن القومية في الحرف العربي، لأن العرب يجمعهم الإسلام والحرف العربي يجمعنا كمسلمين، مرحبا بكل خطاط متميز بغض النظر عن بلده، معتبرا نفسه خطاطا كلاسيكيا وحروفيا. ويضيف: الخط يقال عنه الساكن المتحرك، فكيف يكون الخطاط جامدا؟ فالخط نظرا لعذوبة انسيابه يحث الخطاط على التطوير والتجديد، وأنا أحب المحافظة على القواعد والتجديد من خلالها، بحيث لا تنسلخ الحداثة بين جذور هذا الموروث لنبرهن أننا حداثيون، ونجعله يتنفس برئة معاصرة، لأن الخط العربي خصب لا ينضب، وإذا أراد الخطاط أن يكون ماهرا يجب أن يطلب الله أن يفتح له، لأنه خط روحاني مرتبط بقداسة اللغة.

وأشار أمزيل إلى أن الخط المغربي له طابع خاص، خلافا للخطوط الشرقية، ولهذا ظلت أنواع من الخط المغربي دون قواعد محبوسة في المخطوطات.

وتابع أمزيل مستدلا بفناني عصر النهضة الذين استهواهم الحرف العربي: الخط العربي اخترق حاجز اللغة، حيث عمل أولئك الفنانون على توظيفه في أماكن كالكنائس والتماثيل والمتاحف، وهذا دليل على مخاطبة الوجدان بعيدا عن اللغة، فالخط العربي له رواد غربيون، وأصبح فنا عالميا له عشاقه وسفراؤه في بلدان العالم، وأكبر اعتراف من فناني القرن الماضي بابلو بيكاسو بقوله "كل ما توصلت إلى اكتشاف في التجريد الفني أجد الخطاطين العرب قد سبقوني إليه"، فالحرف العربي يجمع جمالية الفن التشكيلي، فتجد النقطة والخط والفراغ والامتلاء والإيقاع الموسيقي والكتلة والتناغم والتكرار والتوازن.

ويؤمن أمزيل بوجوب أن يرقى الخطاط بمستوى المعرفة البصرية والتشكيلية ليوظف ذلك في اللوحة الخطية وإن كانت بخطوط كلاسيكية.