ومادام أن فضيلة الدكتور محمد العريفي، قد ظهر في خطبته الأخيرة عن الكتاب والصحافة أمام المئات في محاضرة مفتوحة، فليقبل أيضاً، وبصدر واسع، أن نتناقش في هدوء وأمام آلاف القراء، فالأفكار مثل الأفراد تنتهي خصوصيتهم حين يقبلون أن يتحولوا إلى شخصيات عمومية. يرتهن العريفي إلى أن الكتاب والمثقفين قد سكتوا لاثني عشر يوماً حين كان الوطن في (مرمى العاصفة) يوم (كذبة حنين)، لأنهم كانوا ينتظرون اهتزازاً أمنياً يقتربون فيه من الملذات ويشاهدون فيه المرأة على مقود السيارة ويأتمرون بأجندة احتفالات السفارات وتأمين الحسابات والأرصدة. معضلة محمد العريفي مثلما استمعت إليه أنه مازال يعيش – معارك – مرحلة – الكاسيت – ومازال يظن أن المجتمع رهين لمعلومة – الشريط – في عصر – السايبر – الفضائي والتقنية الإلكترونية. وليسمح لي صاحب الفضيلة إن قلت إن الخطبة النارية تنضح بكل ما يمكن من التحريض الرخيص، مثلما تفضح هذه الانتهازية المفرطة في استغلال قصة وطنية لاستعراض المواقف، بل وفي المساومة على ثمن هذه المواقف. نحن يا صاحب الفضيلة وبضغطة على – اليوتيوب – نستطيع أن نشاهد – جهاد البشت – الذي تفاخر به يوم زرت الحد الجنوبي في المعركة الحوثية، مثلما نستطيع أن نبرهن بالإحصاء أنك قد أوردت مفردتي – الوطن والوطنية – في خطبة استهداف قصيرة بأضعاف ما قد قلته في كل مئات الخطب والمحاضرات السابقة. وجميل جداً أن نسمع مفردة – الوطن والمواطنة – في خطبة جمعة لها تاريخ طويل من الحشو – الأممي – وجميل جداً أن يعود – الوطن – إلى الخطبة بعد أن كاد يضيع في معارك الكلام الطويلة في آذان أجيال لم تستمع إلى اسم – وطن – ضاع في ثنايا الأدبيات الأممية. نحن يا صاحب الفضيلة لم نشاهد من قبل على – اليوتيوب – أوداجاً تنتفخ ولا أصواتاً تئن وتصرخ في آلاف الخطب يوم كان شبابنا هم حطب الإرهاب الذي ضرب بقنابله جنود الأمن وشوارع – الوطن – وبذات القياس الإحصائي البديع، أعطني يا صاحب الفضيلة نسبة الذين طلعوا في منابرنا ومحاضراتنا ومخيماتنا ومعسكراتنا الشبابية ثم سكتوا عن القول بجملة واحدة ضد قنابل الإرهاب أو حتى غيروا عناوين محاضراتهم كي يبقوا في – المنطقة المحايدة – إلى أن يستبين لهم أين ستتجه السحابة. الإحصاءات لا تخطئ، يا صاحب الفضيلة ولكنها تعتمد على أي قضية تريد أن تخضعها لمعيار الإحصاء، وشكراً للعصر الإلكتروني وللإعلام الجديد، لأنه لم يترك شيئاً يستحيل على الكشف بضغطة إلكترونية.