باعتبار الشعر مسألة أو قضية، فهو بالطبع مفتوح للتفسير. وبالرغم من احتمال وجود علاقة بين الشاعر وبيننا نحن القراء؛ فلا يحق للشاعر التدخل في محاولة القارئ للتفسير. العلاقة بيننا نحن القراء مع الشعر هي نفس العلاقة بين الشاعر ومصدر أسئلته أو أسئلتها. مثل هذا النوع من "الترتيب" أو "التفاهم" يخلق "ديموقراطية شعرية"، ولكن يجب أن نلاحظ هنا أن فكرة "الديموقراطية الشعرية" المقصودة هنا يجب تمييزها وإبعادها وفصلها تماما بقدر الإمكان عن مفهوم "حكم الأغلبية"! وبدلا من ذلك يجب التركيز على تقريب "الديموقراطية الشعرية" إلى فكرة "حرية" الأفراد للتفسير والتأويل وتحديد اختياراتهم حسب آرائهم ومواقفهم وقيمهم المختارة.
وفي هذه الحالة الهامة من الوعي، يحب الشاعر المتحدث هنا مقارنة فعل "الكتابة الشعرية" مع مشهد معين من مسرحية "عرائس الظل" التي بعنوان "حرب الزهور". فعندما انسد درب بطل الحكاية المقاتل "أرجونا" عبر الغابة من قبل حشد من العمالقة، أجاب المحارب "أرجونا" بذكاء على "كل سؤال" من العملاق "كالوينج" بسؤال آخر!.
وبخلاف الطفل الذي كان فقط مجرد "يفتح النوافذ ثم ينظر إلى النجوم متسائلا"، يدرك الشاعر أن سبب التساؤل ليس "فقط" النجوم، ولكن أيضا الأشجار، والحيوانات، والصخور، والسحاب، والناس، فضلا عن أن جميع الأشياء التي خلقها في قصائده هي رموز تتطلب قراءة وتفسيرا. العلاقات بين كل هذه الأشياء تشكل "هيكلا" مبنيا، بالإضافة إلى كونها مصدرا جديدا وخصبا لا ينتهي لأسئلة، تشمل الشاعر كواحد من عناصرها.
الشاعر لا يقدم أي وسيلة للتغلب وحل هذه المشكلة، ناهيك عن إصدار "فتوى" أو "قانون" أو "تحديد سياسة"، لأنه ليس عالما، أو نائبا في البرلمان، أو محاميا، أو مدرسا، وبالطبع ليس رجل دين.
الشاعر يحاول مجرد كشف "مصدر" الأسئلة، لتكون بذلك كل قصيدة ليست سوى "تجربة بالكلمات". وهو يعلم أن "صنعته" كانت منذ وقت طويل هي مصدر سعادته، والذي يأمل أن تكون نتيجتها مصدر سعادة لنا جميعا "نحن... القراء"!
انتهت خطبة الشاعر الإندونيسي ساباردي دجوكو دامونو عن (لماذا نكتب الشعر). فهل ياترى أجاب أو قارب إجابة مقنعة؟.
* كاتب ومترجم سعودي