بالرغم من التطور التقني، وثورة المعلومات، وتقدم الاتصالات التي نشهدها في مجالات التأليف، والطباعة والنشر، وظهور مصطلحات حديثة مثل النشر الإلكتروني، والكتاب الإلكتروني، والتصفح الإلكتروني، وغيرها من المصطلحات؛ فإن الكتاب بصورته التقليدية (الورقية) يحتفظ بأهميته لدى من يدرك قيمته، ولا يزال عليه إقبال كبير من كثير من الأفراد، وما يؤكد ذلك هو اهتمام العديد من الدول بمعارض الكتاب الدولية من خلال تبني إقامتها، أو المشاركة فيها، والمتابع لحركة بيع الكتاب في معرض الرياض الدولي الذي أقيم في الأيام القليلة الماضية يدرك أن هناك إقبالا كبيرا على شراء الكتاب، وأصبح الكتاب ضمن قائمة المواد الاستهلاكية، وآمل أن يكون من المواد المستهلكة الضرورية، لا من الكماليات؛ حيث الكماليات لدى البعض أصبحت ضروريات، أو أساسيات، ومن ضمنها الكتاب، ولا بأس أن يتحول الكتاب من الكماليات إلى الضروريات إذا كانت هناك حاجة له، واستفادة حقيقية منه.

ويمكن تصنيف عملية اقتناء الكتب إلى صنفين، أو حالتين: النوع الأول يقوم بعض الأفراد بشراء، واقتناء الكتب بمختلف أنواعها من معارض الكتب، أو من المكتبات بهدف دعم مكتبته المنزلية، وقراءتها، والاستفادة منها، والرجوع لها متى كانت هناك حاجة لذلك هو وأسرته، ومن يحتاج الحصول على معلومات من هذه المكتبة، وهنا أرى أن هذا النوع من الأفراد هو من يستثمر بإنفاقه في شراء الكتب، ويستفيد من الكتاب بالصورة الصحيحة، الصنف الثاني الذي لديه حمى شراء الكتب، ورغبة في اقتنائها في مكتبته بهدف أن تكون لديه أعداد كبيرة من الكتب، أو تكملة ديكور المنزل، ولا يرجع لها، ولا يستفيد منها، ولا يقرأ منها حتى في وقت فراغه، فالكتب لدى هذه الفئة تعد بمثابة جزء من أثاث المنزل لا أكثر، ولا أقل، واعتقد أن شراءهم الكتب بهذا الهدف فقط يعد خسارة غير مبررة، ويمكن أن يستفيدوا من القيمة التي يدفعونها في شراء الكتب في جوانب أكثر إيجابية، وتعود عليهم بالنفع والفائدة، كما أن شراء الكتب يجب أن يكون بصورة مقننة، وأن يتم اختيار الكتب المناسبة للقراءة، والتي تتم الاستفادة منها بصورة حقيقية، والتي يحتاجها الفرد بالدرجة الأولى.

وعند الحديث عن القراء ة، فلا بد من التركيز على عدد من الأسئلة، والإجابة عنها قد يسهم في إثراء القراءة، وجعلها أكثر فاعلية، ومن هذه الأسئلة: ماذا نقرأ؟ ولماذا نقرأ؟ وكيف نقرأ؟ ومتى نقرأ؟ ولمن نقرأ؟ لذلك يجب أن نحدد الهدف من القراءة ما إذا كان الهدف تعزيز الثقافة الخاصة، أو الثقافة العامة، وتوسيع المدارك، وبناء على ذلك يتم اختيار ما يتم قراءته، والكيفية التي تتم بها القراءة، وتوقيتها، واختيار، وتحديد مؤلفي الكتب التي تتم قراءتها، واعتقد أن الاهتمام بالقراءة، وتنمية هذا الجانب، وإكساب الأفراد خاصة الأطفال اتجاهات إيجابية نحو القراءة من مسؤولية الأسرة، والمدرسة، والمجتمع بشكل عام، فالأسرة مطالبة بأن تشجع أفرادها على القراءة، واختيار الكتب المناسبة للأطفال، ولأعمارهم، وتشجيعهم على استغلال الوقت في قراءة المفيد من المراجع، والكتب، والقصص، وغيرها من أنواع الكتب المختلفة التي تعود على الطفل بالفائدة، وتحديد أوقات مناسبة للقراءة، والمدرسة هي الجهة الأخرى المسؤولة عن تشجيع وتحفيز الطلاب ـ خاصة في المرحلة الابتدائية وما قبلها والمرحلة المتوسطة ـ على القراءة الهادفة، وقد يكون ذلك ممكنا من خلال الاستغلال الأمثل لمصادر التعليم ومنها المكتبة المدرسية، وإيجاد مشروعات تنافسية بين الطلاب في القراءة، أو مسابقات موجهة للقراءة، ويجب تفعيل حصص للقراءة الموجهة في الثقافة العامة، وأخرى في الثقافة المتخصصة في أحد فروع المعرفة، وتتم كتابة تقارير عنها وعرض ما يتم التوصل إليه على مجموعات صغيرة في المدرسة.

أما المجتمع فهو مسؤول عن تشجيع القراءة، وجعلها من أهم أولوياته، وقد تكون هناك مسابقات مختلفة على مدار العام في مجال القراءة بهدف التشجيع على القراءة الهادفة، ويكون هناك برامج إعلامية عن القراءة، وأنواعها، وأهدافها، وأهميتها، وكيفية الاستفادة منها، وقد يستغرب أحدنا عندما يدرك أن نسبة القراءة في الوطن العربي لا يمكن مقارنتها بنسبة القراءة عند الغرب، حيث يتم استغلال جميع الأوقات في القراءة، فنجد أن المسافر الغربي في القطار، أو الطائرة، أو الحافلة يستفيد من وقته في قراءة بعض الكتب المفيدة؛ حتى في صالات الانتظار، أو في المطاعم نجده يستغل وقته في القراءة، أما أغلب المسافرين العرب فيقبلون على قراءة الصحف، والمجلات، والقراءة تكون سطحية، والعبرة هنا ليست بكمية القراءة، ولكن بنوعيتها، ومدى الاستفادة منها، فنحن أمة اقرأ، لكننا لا نقرأ، وإذا قرأنا لا نستفيد مما نقرأ، مع أن القراءة في وقتنا الحاضر، والحصول على الكتب، والمعلومات أصبح أسهل من الأوقات السابقة التي قرأ فيها علماؤنا، ورواد الثقافة والأدب السابقين الذين أثروا مكتباتنا بمؤلفاتهم، وأفكارهم، وقد يكون ارتفاع أسعار الكتب من معوقات اقتناء الكتب، ويؤثر ذلك على تدني مستوى القراءة ونسبتها في الوطن العربي، لذا يمكن أن يتم تخصيص تخفيضات لأصدقاء الكتاب من خلال الحصول على كروت معينة تتيح لحامليها نسبة تخفيض مقبولة في معارض الكتاب، والمكتبات، وأن يتم افتتاح محلات لبيع الكتب المستخدمة وبأسعار مناسبة ليمكن الاستفادة منها بدلاً من بقائها حبيسة الرفوف في بعض المكتبات.