أفهم تصريح مدير عام كرة القدم في نادي الهلال سامي الجابر الذي أعلنه أول من أمس ومنح خلاله جماهير النادي أحقية انتقاد الطريقة الفنية للمدرب على أنه حديث دبلوماسي، أراد المدير من خلاله أن يزيد اصطفاف الجماهير الهلالية خلف فريقها المقبل على موقعتين بالغتي الأهمية، أولاهما اليوم أمام الشباب، وهي موقعة قد تكون فاصلة على مستوى اقترابه الحثيث من الاحتفاظ بلقب بطولة دوري زين للمحترفين للمرة الثانية على التوالي، وثانيتهما مواجهة نهائي كأس ولي العهد الجمعة المقبلة أمام الوحدة في عرين هذا الأخير.

ولعل خبرة المدير وحنكته هي التي دفعته للتركيز على دور الجماهير الهلالية، ووصفه لها في هذا التوقيت تحديداً بأنها "تملك وعياً وذوقاً رفيعاً في كرة القدم"، وأنها "لا تنظر إلى النتائج التي لاشك أنها مهمة، ولكنها تركز على بقاء فريقها في القمة كما هو الآن"، إذ أن أي حدث آخر قد لا تكون له الآن نتائجه المرجوة على فريق يكاد يلامس حصاد جهد موسم كامل.

لكني أرى أن كل الجماهير في كل الأندية تحب فرقها، وتنتقد المدرب من واقع هذا الحب، لكن ذلك مشروط بأن يبقى في إطار التعبير عن وجهة نظرها ربما في منتدياتها أو حواراتها البعيدة عن الملعب، على ألا يتحول نقدها فعلاً جماعياً خلال المباريات، من شأنه أن يسبب الإحباط، ويشكل ضغطاً كبيراً على الأجهزة الفنية واللاعبين، وقد لا يكون التخلص منه أمراً متيسراً أو وارداً.

بعض الجماهير تلجأ لإطلاق صافرات الاستهجان، وأخرى تصعِّد الأمر فتهجر الملعب، وثالثة تصرخ في المدرب واللاعب عند التبديل، وكل هذه التصرفات لها مردودها السلبي حتماً حتى لو جاءت تحت سقف المحبة والحرص على النادي.

كثيراً ما سمعنا عن أن كل مشجع للنادي يظن نفسه أكثر فهماً ودراية من المدرب، ونادراً ما رأينا جماهيرنا تؤمن أن للمدرب قراراته ورؤيته وحساباته ومعطياته، وحينما تتصور هذه الجماهير أن مجرد حبها للنادي يعطيها الحق في التدخل بهذه الشؤون فإنها تكون قد دقت مسماراً أول في نعش استقرار فريقها ونجاحه في المضي نحو الأهداف التي تتمناها ويتمناها مسيروه.

أثق أن تركيز الجابر على مسألة وعي الجماهير الهلالية كان مقصوداً تماماً منه، لكني أثق أكثر أن أهم أسس هذا الوعي، سواء لدى جماهير الهلال أو غيرها، أن يترك للأجهزة الفنية والإدارية العمل وفق رؤيتها واختصاصها، وأن يبقى للجمهور دوره في المؤازرة والتشجيع والمتابعة.