أكثر من عام مضى والهم والحزن ملازمان لطلال العنزي الذي شاءت الأقدار أن يقع في دائرة الاتهام بقضية اختلاس لا يعلم عنها شيئاً!. تسببت في كف يده عن العمل وإيقاف راتبه، بعد أن وقع ضحية لتخطيط إجرامي قام به اثنان من أرباب السوابق اللذان يعملان لدى شركة نقل أموال. هذه القضية لا يمكن أن يتخيلها أو أن يصفها أحد إلا موظف البنك طلال فرحان العنزي لأنه هو من عاشها وذاق مراراتها.

البداية كانت في 26 /4 /2009، في يوم عمل عادي كسائر الأيام بالنسبة لطلال الذي يعمل موظفاً لدى أحد البنوك، حيث حضر اثنان من موظفي شركة نقل الأموال لاستلام مبلغ 7 ملايين ريال لنقله من عرعر إلى تبوك، حضرا بعد أن بيتا نية السرقة المسبقة على غفلة من موظفي البنك ومن زميلهما الثالث العنزي الذي لم يكن يعلم عن نواياهما شيئاً، قام الاثنان فتحايلا في عدم إقفال (السنز) الخاص بأحد الأكياس الذي وضعت فيه النقود إقفالاً جيدا، ليتمكنا من فتحه لاحقاً ومن ثم إغلاقه بعدما سرقا نصف مليون ريال وذلك فور وصولهما إلى تبوك وبعد إنزالهما لزميلهما العنزي، أو بمعنى أصح تصريفه للاستيلاء على المال.

السرقة تم اكتشافها فور تسليم المبلغ لفرع تبوك، وبما أنهما خططا ودبرا كل شيء فاكتشاف السرقة لم يكن أمراً مستغرباً بالنسبة لهما فهما قد رتبا لكل شيء، وحين سئلا وحقق معهما أنكرا معرفتهما بالأمر، وأن هذا ما تم استلامه من البنك ليدخل طلال جراء هذا الإنكار والتدبير الإجرامي في دائرة الشبهات ولتطاله المساءلة والتحقيقات وليتم كف يده عن العمل وإيقاف راتبه مصدر دخله الوحيد، ليعيش المعاناة مع الهم والحزن وتراكم الديون.

أيام مريرة وليال سوداء عاشها طلال، شيء لا أحد يستطيع أن يتحمله سوى طلال، الذي أصبح همه الوحيد إثبات براءته للناس الذين لم تتزعزع ثقتهم فيه، ولم تهتز صورته أمامهم، فهو لايزال طلال المحبوب من الجميع، لا يزال المشهود له بالتدين والاخلاق العالية والمحافظة على صلاة الجماعة، ولكن لا بد له أن يثبت براءته للجميع ويؤكد أنه الذي يعرفونه، ورغم إثقال كاهله بالديون وصعوبة ظروفه وقسوة الأيام عليه اضطر للسفر لتبوك عدة مرات متابعاً لقضيته باحثاً عن الدليل الذي يثبت به براءته، ولكن يبدو أن الجانيين كانا حريصين على ألا يتركا وراءهما أثرا. لم ييأس طلال وظل متابعاً وباحثاً لأكثر من عام، إلى أن تلقى اتصالاً من أحد أصدقائه أخبره بما بدأ يلحظه الجميع على الجانيين والتغير الذي طرأ على وضعهما المادي فبعد سوء أحوالهما ها هو أحدهما يقوم بشراء سيارة فارهة، وها هو الآخر يبدأ ببناء منزل له وعلى الفور تقدم طلال ببلاغ للجهات الأمنية بمنطقة الحدود الشمالية التي طلبت الجانيين وأعادت فتح ملف القضية والتحقيق معهما وكشفت أسرار القضية.

مدير شرطة منطقة الحدود الشمالية اللواء حمود بن صالح المنصور أوضح أن شرطة المنطقة تبلغت من أحد البنوك في المنطقة عن سرقة نصف مليون ريال كانت من ضمن المبلغ المنقول من مدينة عرعر إلى مدينة تبوك، حيث إن اكتشاف سرقة المبلغ تم بمدينة تبوك. وتم تتبع القضية بمتابعة شخصية من قبل صاحب السمو أمير منطقة الحدود الشمالية الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد آل سعود، ومعالي مدير الأمن العام الفريق سعيد بن عبدالله، حيث تم جمع الأدلة والمعلومات والتحريات وتحديد المشتبه بهما اللذين يقطنان بمنطقة تبوك، وإحضارهما والتحقيق معهما، حيث أوقفا على ذمة التحقيق.

وأكد المنصور أنه بعد فتح ملف القضية والتحقيق مع الجانيين تكشفت الحقائق الغائبة بالقضية بعدما أدليا باعترافاتهما وكشفا تفاصيل جريمتهما، وتم تصديق اعترافاتهما شرعاً، وإحالتهما إلى السجن العام بانتظار ما سيصدر بحقهما من حكم شرعي. كما لفت المنصور إلى أن أهم ما تكشفت عنه إعادة التحقيق هو عدم علاقة طلال بالقضية، وبراءته تماماً من التهم المنسوبة إليه.

وكان طلال العنزي قد تعرض للاتهام زوراً بالاشتراك معهما في الجريمة، وعليه تم كف يده عن العمل، وحرمانه من الراتب، لمدة عام كامل.