ليس غريباً ذلك الأدب الجم الذي كان عليه رجل الرياضة السعودية الكبير الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز في لقائه الفضائي المباشر عبر قناة أبوظبي الرياضية مساء الاثنين الماضي، فكما هو أبو فيصل في سلوكه الشخصي وفي تعاملاته المختلفة، كان هو ذاته في حواره التلفزيوني الأخير: رجل هادئ رصين رزين حكيم خلوق متواضع بسيط وإنسان مثل السلام: نهارٌ أليفٌ خفيف الخطى لا يعادي أحداً ولا يسيء إلى أحد ولا يمكن أن تخرج منه (العيبة أبداً) حتى تجاه الذين ظلموه وأساؤوا إليه وحاولوا دق إسفين بينه وبين جماهير الأهلي، وأن ديكتاتوريته هي السبب في انتكاسات فريق كرة القدم الأول، لكنهم، أي زارعي الفتنة من المرجفين والأفاكين، خابوا وهزموا وخسروا لأن كل من ينتمي إلى المشهد الرياضي من مسؤولين ولاعبين ومتابعين وجماهير يعرفون بساطة خالد بن عبدالله الآسرة ويعرفون تواضعه العذب وسمو أخلاقه الرفيعة، فهو خريج مدرسة والده الملك عبدالله بن عبدالعزيز الراوي الأصيل للنبل والفروسية والشهامة والبساطة والتواضع والصدق والحق والخير والجمال، ورجل يخرج من بيت عالٍ بهذه القيم وهذه الشمائل لا بد أن يكون قمة في كل شيء وقدوة حسنة ومثلاً أعلى للناس الذين يحبون أن يذكروا بالخير.


لم يكن الأمير خالد يتكلف التواضع والخلق القويم والأدب الذي جعله لا يرد على إساءات أولئك المنافقين بمثلها، بل لم يتطرق إلى أسمائهم ورفض أن يشهر بهم وفاء لأخلاقه ومثله وتربيته كإنسان مسلم يؤمن أن الدين الحقيقي هو المعاملة وليس مجرد شعارات وكلام ومفردات براقة خلابة. أعود وأقول إن الأمير في لقاء أبوظبي لم يتصنع المثالية أو يحاول أن يبدو في رداء غير ردائه، فقد ظهر في التلفزيون كما هو في حياته بعيداً عن الإعلام.. صورته واحدة ومبادئه وأخلاقه ثابتة راسخة لا تتغير ولا تتزعزع.


تناول الحوار ملفات عدة، كل ملف منها يحتاج لزوايا وأعمدة حتى يمكن الإحاطة به وتسليط الضوء على رؤى الأمير المهمة في ذلك المساء، وكل ما يطرحه الأمير مهم سواء ما قاله تلك الليلة وما قاله في ليال ماضيات في حواراته القليلة جداً في عددها لكنها كبيرة وكثيرة جداً في رؤاها العميقة ومعانيها الخبيرة بأدق تفاصيل مشهدنا الرياضي والركائز التي يمكن الانطلاق منها نحو غد رياضي أمثل يعالج كل الإخفاقات والعثرات والانكسارات السابقة.





وأريد هنا أن أعلق على جزئية من الحوار عندما تطرق سموه إلى الإشاعات التي نصبته على هرم الرياضة في المملكة، حيث أجاب على هذه النقطة قائلاً: "بكل أسف أقولها بأن الإشاعات ظاهرة اجتماعية ملحوظة في الخليج وتحديداً في المملكة، وحينما تحدث هزة مثل تأهل المنتخب أو أي مشكلة معينة في أي مباراة معينة نسمع بعض الإشاعات وكذلك في القطاعات الأخرى مثل المياه والصحة وغيرها. وأتصور أن تلك الإشاعات اجتهادات من أشخاص ولكن هي في واقع الأمر بعيدة عن أرض الواقع"، مضيفاً "باعتباري لي فترة طويلة وأنا في الوسط لذلك دائماً ما يرشحونني وهذا شيء أعتز به كثيراً على الثقة التي منحوني إياها، ولكن أرد على مطلقي هذه الإشاعات بأنني لم أترك العمل الحكومي قبل 18 عاماً حتى أعود اليه ".. (انتهى)


أعرف أن الأمير زاهد في المناصب مثلما هو زاهد في الضوء والإعلام، وهو بهذا يضع حداً لكل هواة الشائعات أن يريحوا ويستريحوا، فهو لن يتوانى عن خدمة الرياضة من موقعه كمسؤول وراع لأكاديمية النادي الأهلي والتي ستكون المستقبل الأجمل والأبهى لكرة القدم السعودية.. فقط انتظروا ولن يطول الانتظار بإذن الله.