هل تغامر إيران – معنا - وهي تربض على الطرف الآخر من الخليج في بيت من زجاج؟ والمتابع للتصعيد الإيراني مع المنظومتين السياسية والاجتماعية لا بد أن يلمح فوارق الدرجات في هذا التصعيد ما بين زمنين: في الزمن الأول، راهنت إيران على أن التململ العربي الشامل في العواصم العربية لا بد أن يصل إلى الرياض.
وحتى اسم – حنين – الذي كان عنوانا ليوم – الصفعة – السعودية الشاملة كان يحمل دلالات وترميزا طائفيا لمن يعرف بعض ما يخفيه التاريخ عن أحداث غزوة حنين. وأنا هنا في حل عن شرح هذه الدلالات التاريخية، ولكن الجرأة اللافتة لاستخدام هذا الاسم (التاريخي) تبرهن أن التهور الإيراني في التدخل المكشوف السافر قد وصل إلى مرحلة غير مسبوقة. لاحظوا فقط – تقسيمات – قناة العالم قبل يوم الصفعة وبعده لتكتشفوا تغيير التكتيك الإيراني في مواجهة المملكة. وضعت إيران كل رهاناتها على يوم وتاريخ محددين بالأرقام والاسم، وحين سقط هذا الرهان بشكل مروع وصلت الرسالة. اكتشفت بالبرهان أن السعودية تحظى بقيادة ذات شعبية جارفة وربما أعطت إيران ومن في فلكها من المنظومات الفئوية للسعوديين قيادة وشعبا فرصة هائلة للتعبير عن العلاقة ما بين الطرفين في اختبار يوم واحد محدد. اكتشفت أن ما يحدث في شوارع العالم العربي اليوم إنما يصب في مصلحة السعودية التي تذهب في الطريق الصحيح لأن تلعب دورا محوريا قياديا بفضل الإمكانات الرديفة: شعب متماسك ومستقر.. طبقة وسطى متزايدة.. حجم إنفاق حكومي على التنمية الداخلية لم يصل لهذا الرقم والمستوى منذ تأسيس هذه الدولة.. فائض مالي ضخم رغم هذا الإنفاق.. ورشة عمل تنموية تطمح في الدخول إليها كل الشعوب والمنظومات المالية والإنشائية، بكل ما لهذا من ارتباطات في حجم العلاقة الدولية وفي طريقة بنائها مع المملكة. كل هذه الظروف الاستثنائية في قصة – شعب ودولة – تنبئ عن فترة سعودية ماسية وغير مسبوقة على الإطلاق. سقطت أوراق إيران التي كانت تراهن عليها في مواجهة العملاق الآخر على الضفة الغربية للخليج فبدأت في تغيير معالم اللعبة.