أثارت قضية تكفين طالب على قيد الحياة في مدرسة حراء في خميس مشيط، ردود أفعال قوية باعتباره نشاطا غير تربوي، يهدف إلى (تكريس العبثية) و(تنمية الفكر الانتحاري).. ودار الرأي العام منددا بهذا السلوك الذي (أكدوا) على أنه يهدف إلى (تزهيد) الطلاب في الدنيا.. و(وعظهم بطريقة خاطئة).. بدأ الخبر بصورة، وإعلان عن تحقيق.. وهاهي تداعياته تندد بالفكرة ومن قام عليها، وتطالب بإيقاع عقوبات رادعة على المسؤولين عنها.. ولكن (لماذا) كان هذا النشاط؟ كما أن الأدلة الموجودة لا توفر لنا أي معلومات كافية، فهي أيضا لا تسمح لنا إطلاقا بتبني الاتهامات التي ذكرت في مجال عرض القضية.. مؤسف أن يصل بنا عدم التثبت إلى إثبات ما لم يثبت، واتهام (تيار) ما بتبني مثل هذا النمط من التربية.. دون معرفة أي تفاصيل أخرى.. سوى إسقاطات شخصية، وخبرات سابقة، يتحدثون عن (مشاعر مرهفة) تعرضت (لصدمة مؤثرة).. وكأن الموت مخلوق غريب ظهر فجأة بين صفوف الطلاب وأمر بنزع الأرواح روحا روحا!، وكأن الطلاب لم يشاهدوا في حياتهم جنازة تحمل على الأكتاف. أولم يروا جثثا ملقاة على الشارع بعد أن تبعثرت أشلاؤها..كنتيجة مروعة لحادث سيارة.. ويتحدثون عن (تكريس العبثية) وكأن العبث الذي يمارس بعد انتهاء الدوام وفي المناسبات العامة يتم على أيدي كائنات قادمة من المريخ! ويناقشون قضية (الفكر الانتحاري) ويرون في سلوك هذه المدرسة غرسا له في أنفس الطلاب.. وكأنه لا يوجد بينهم.. من يمارس السلوك الانتحاري عمليا بعد الاختبارات، وعند فوز فريقهم المفضل، مستخدمين (السيارات)..أبشع أداة إرهابية يستخدمها شبابنا لإهلاك أرواحهم وأرواح الآمنين.. سأفترض جدلا أن الإذاعة كانت عن حوادث السيارات، وكان دور الإدارة تجاه طلابها هو (توعيتهم) بمصير ضحايا التهور، وعليه سأقول بأن كل الاتهامات التي سيقت كانت ظالمة ومتجنية.. وأن الإذاعة لم (تتقن) التمثيلية، لأن من يخرج من حادث سيارة لن يخرج في العادة ململم الجسد، أبيض الكفن! ولأن هذا الافتراض لم يأت من فراغ. سأطلب من كل من يود الكتابة في هذه القضية أن يتحرى أولا الصحة في ما وصل إليه من أخبار عنيت بالكم على حساب المضمون.. إن مثل هذه الاتهامات.. لهي وسيلة لقتل روح المبادرة لدى الطلاب والمعلمين والإدارات المدرسية على السواء.. ورفض أي فكرة لتوعية الطلاب في القضايا التي تؤرق ذويهم.. قبل أن تؤرقهم.. إذا كان دور الإعلام هو إثارة البلبلة فمن الذي يتحمل دور التثبت والعمل بمصداقية لإيجاد الخبر الصحيح.. إن من حق القائمين على هذا النشاط أن يدافعوا عن أنفسهم.. وأن يؤخذ في الاعتبار وجود أشخاص يسعون إلى إيذائهم باستخدام الصور التي تعني أكثر من معنى.. لقد امتلأ الفضاء بأولئك الذين يجدون متعة في الولولة.. فهل لنا بنزهاء يقدمون لنا الحقيقة.. دون تحيز.. أو انتماء؟ ويقفون في صفوف المظلومين الذين لم يجدوا من يستمع إليهم.. إلا لإثبات الأقوال ضدهم؟