كثيرون لا يعرفون أن جُزر فرسان قبل الدولة السعودية وإبان العهد التركي، كانت نقطة خلاف بين الإنجليز والألمان، وهؤلاء ـ أقصد الألمان ـ لهم قلعة باقية آثارها ومعروفة باسمهم، فكل من هؤلاء وهؤلاء كان يطمع باستعمارها لما تشكله من أهمية جغرافية، واليوم ما إن تُذكر جزر فرسان التي يزيد عددها عن 200 جزيرة والقابعة بهدوء جنوب البحر الأحمر والتابعة لإمارة جازان، إلا ويُذكر معها مفتاح قلبها الشاعر والمؤرخ إبراهيم عبدالله مفتاح، هذا الذي يعتبر بيتُه قبلة زوارها، فأول خطوة يخطوها كبار مسؤولي الدولة من الأمراء والوزراء والمثقفين الزائرين لهذه الجزر تكون باتجاه مفتاحها، إنه ابنها الذي لم يستطع يوما فراقها حتى حين فُتحت له الفرص منذ سنوات طويلة، ليتبوأ مناصب خارجها، لم يفعل كما فعل الآخرون، لم يستطع أن يخرج ملح بحرها من دمائه، وقرر البقاء فيها رغم بدائية الحياة ورداءة الخدمات في تلك السنوات، والتي ما يزال كثير منها متواضعا، فما يُقدم لها من جهد لا يضاهي مكانتها الوطنية وأهميتها السياحية التي باتت تجتذب إليها مئات الآلاف من السياح الخليجيين والأجانب المقيمين. لقد فضل مفتاح فرسان أن يبقى فيها معلما يُدرس تلاميذه من أبنائها، لأنه يعرف جيدا أن التعليم هو سر من أسرار نهوضها، حتى أصبح منهم الشعراء ومن يعتلي الوظائف الحيوية. وباختصار شديد، من أراد أن يعرف فرسان جيدا فليس عليه إلا الذهاب إلى هذا الرجل الكريم والنبيل والصادق في حبه لفرسان.

أتذكر يوما أني سألته: لماذا لم تتقلد أي منصب في جزر فرسان ولو منصبا تعليميا وأنت ابنها ومن أوائل من تعلموا فيها!؟ أجابني وما زلت أتذكر نبرة صوته الحزينة وهو الذي ضحى بأيام عمره، يخدم أهلها ليكون صوتَهم لدى المسؤولين ببرقياته وخطاباته وقلمه العكاظي وكتبه وشعره، أجابني"المسألة يا حليمة قضية شهادات وأنا لا أحمل سوى شهادة المعهد الابتدائي، وهذا لا يكفي للمناصب"، وبصراحة أقولها: تبا للشهادات ما لم يُقدم أصحابها بإخلاص ما يحتاجه أهل فرسان من خدمات، فقد زرتُها منذ بضع سنوات زيارة قصيرة، تحسّرتُ خلالها كثيرا على هذه الجزر الحلم التي تحتضن شواطئها الدلافين والسلاحف، فيما تحتضن يابستها الغزلان، كونها أكبر محمية للحياة الفطرية في السعودية، أما أهلها فقد زرع الله الطيبة والكرم والتسامح في قلوبهم، لكن ما يؤلمني كثيرا أنّ هذه الجزر لا تبارح مكانها أبدا رغم مرور الزمن عليها، فللآن شواطئها البكر وأوديتها تنتظر استثمار رجال الأعمال، حتى الآن تحتاج لكثير من الخدمات والجهد، ولهذا على كل الوزارات والهيئات والمسؤولين أن يراقبوا جيدا مستوى عمل إداراتهم فيها، أما هيئة السياحة والآثار، فعليها تكثيف جهدها، لأن فيها الكثير من الآثار التي تعود لمئات مئات السنين، ويكفي أن مفتاح قلبها إبراهيم حول بيته لمتحف يحتفظ فيه بآثارها مما يعثر عليه، وأخيرا انتبهوا لهذه الجزر واستثمروها فلها مستقبل سياحي يؤهلها لأن تكون مصدر دخل قوي للدولة وسببا مهما لمكافحة البطالة، وهو أمر أعلم علم اليقين أنه محل اهتمام وعناية أمير منطقة جازان محمد بن ناصر بن عبدالعزيز .

وهنا في هذه الروابط، أقدم لكم دعوة سياحية لتتعرفوا أكثر على جزر الحلم في وطننا الحبيب.

http://www.youtube.com/watch?v=8hGSnVLIFTo&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=mpPNEQiU_qI&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=rVzlPran36g&feature=related