أعلن رئيس المركز الوطني للقياس والتقويم الأمير فيصل بن عبدالله المشاري انخفاض حالات انتحال الشخصية في اختبارات العام الماضي إلى 50 حالة بعد أن تجاوزت في سنة واحدة 200 حالة. معربا عن أمله في أن تنخفض هذه السنة. وأشار لـ"الوطن" إلى أنه بإمكان المركز اكتشاف طرق الانتحال بوسائل مباشرة وغير مباشرة عن طريق استخدام البصمة الموجودة في هويات الطلاب ومقارنتها مع المأخوذة في قاعة الاختبارات.
انتهت الاختبارات المدرسية في السعودية، وبدأت رحلة البحث عن مقعد جامعي، إلا أن تبدل معايير القبول لمن يرغب في مواصلة دربه الأكاديمي، ووضع أسس علمية جديدة، خلقا نوعا من الخوف والتردد لدى الأهالي، كما الطلاب، خصوصا لضرورة تجاوز اختبارات "القياس"، والتي يشرف عليها المركز الوطني للقياس، الذي التقت "الوطن" رئيسه، الأمير الدكتور فيصل بن عبدالله المشاري آل سعود، متحدثة معه عن هموم الطلاب، ونظرتهم لاختبارات القياس، وهو في حديثه اعتبر أن المركز "منشأة خلقت لتقف بوجه المتمردين على عدالة التقييم، والتواقين لتجاوز مبدأ الاستحقاق"، محاولا في حواره أن يقلل من فاعلية الأصوات القائلة بـ"عدم أهمية تلك الاختبارات المعتمدة على المعلومات المتراكمة في ذهن الطلبة"، مستدلا بـ"كمية الطلبات الخارجية، لاستنساخ التجربة السعودية، في بلدان عرفت بشغفها للعلم والتعليم"، وهنا نص الحوار:
البعض يرى أن الرسوم التي يفرضها المركز على الطالب، مخالفة لسياسة البلد التعليمية، والقائمة على مجانية التعليم، في حين يرى عدد من أولياء أمور الطلاب، عدم تأهيل أبنائهم لتجاوز الاختبار، ما تعليقكم على ذلك؟
ـ هذا السؤال يتكرر منذ 8 سنوات، حيث إن الاختبارات لدينا مبنية على رصيد المعلومات لدى الطالب، ولا بد أن نرفع من الهدف المنشود، ولا يتأتى ذلك إلا عبر محك حقيقي، بعيدا عن التلقين و الحفظ. ونحن نقوم بدور أشبه بتعليق الجرس، وهو اختبار القدرات و القياس. إذ إن المنافسة هي السبيل الأمثل لتحقيق النتائج الإيجابية.
وحول ما يثار عن رسوم المركز، أود أن أبين أن قرار مجلس التعليم العالي، المرفوع لمجلس الوزراء "على غير العادة"، تضمن أن يتقاضى المركز مقابلا ماليا يتناسب مع تكاليف المركز. كما أن مجلس الإدارة مخول بتحديد الرسوم، والذي تم بعد دراسة وتقييم، وتمت التوصية بـ 100 ريال كرسم ثابت، وكل سنة نعرض على المجلس مناسبة التكاليف مع الرسوم. ولا أخفيكم سراً، حيث إن التكلفة أكثر من الرسوم.
الميزانية
ماذا عن الإيرادات الإضافية للمركز وميزانيته؟
ـ الإيرادات الإضافية، تأتي عن طرق متعددة، فنحن نفرض غرامة "تأخير الطالب في أداء الاختبار"، وكذلك إيرادات الرعاية في مطبوعاتنا، أو دعم الوزارة للمركز، وغير ذلك مما يعمل على سد العجز في الميزانية. وميزانيتنا الرسمية قليلة جدا، لا تتعدى 3 ملايين ريال فقط سنويا، ومع ذلك نعمل بطريقة احترافية، عبر تخفيض التكاليف، إذ نركز على اختيار دقيق للعاملين بالمركز، ونحرص على أن يكون العامل لدينا متفرغا تفرغا تاما للعمل لدينا.
عبء على الأسر
ترى بعض الأسر الفقيرة، أن الرسوم المفروضة على كل الطلاب، مثقلة لكاهلهم، هل لدى المركز نية لإسقاط الرسوم عنهم؟
ـ هناك قرار لمجلس مركز القياس، بعدم دفع أبناء الأسر المحتاجة لرسوم الاختبارات، إلا أن عملية التعرف عليهم فيها نوع من الصعوبة، و لكننا نتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية لإنهاء الموضوع بشكل كامل، عبر نظام نعتمد عليه يكشف لنا الأسر المحتاجة، وعليه يتم إسقاط الرسوم آليا. وقد تكون هناك حالات، نتعامل معها بشكل فردي.
مراكز التدريب
انتشرت في الآونة الأخيرة مراكز التدريب لتجاوز اختبارات القياس، كيف تنظرون لذلك؟
ـ موقفنا منها عدم التأييد، وفوائدها غير مؤكدة النتائج، وأغلبها غير مؤهلة، إذ إن كثيرا من المهارات لا يمكن أن تكتسب في فترة بسيطة، مما يضعف فائدتها. ولا أخفيكم أننا نعطي بديلا مجانيا من خلال حقيبة تدريبية، عبر موقع المركز.
إعاقة المبتعثين
هنالك من يرى أنكم سبب رئيس في عدم التحاق العديد من الطلاب المتفوقين دراسيا ببرنامج الابتعاث الخارجي، وذلك بسبب منح درجات متدنية، لا تتواءم مع المعدل الدراسي؟
ـ نحن لم نظلم أحدا من الطلبة، بل إن الدرجات التي يمنحها المركز لا تعبر عن كمية الإجابات الصحيحة، فمثلا من يحصل على 100 في اختبارات القدرات، لا يعني أنه تمكن من الإجابة على جميع الأسئلة بشكل كامل، بل يعني أنه أفضل المجموعة المختبرة، عبر استخدام ما يسمى مقياس "معدل" أو "مصحح"، وهي عملية نسبية.
صعوبة الأسئلة
هنالك من يرى أن أسئلتكم صعبة؟
ـ المركز يستمد ثقته من الدراسات الإحصائية. وفي الاختبار نحن نضع أسئلة للتجريب فقط، بدون احتسابها في الدرجات، بل يتم تحليلها ودراسة إمكانية تمييزها بين الطلاب، والأسئلة الجيدة تحفظ لاستخدامها في الاختبارات القادمة.
وفي المركز نعرف مستوى الصعوبة للأسئلة، والاختبارات لا بد أن تكون متوازنة في الصعوبة (تكافئ الاختبارات). وقبل نشر النتائج، نحلل أداء الطلاب مرة أخرى، و قد نضطر إلى إلغاء السؤال لعدم قدرته على التمييز، لصعوبة الأسئلة. وفي الحقيقة يسعى المركز إلى أن من ينال درجات عالية، هم من سيحققون بالجامعة نتائج متفوقة.
درجات المناطق
من خلال تجربتكم، كيف تقيم نتائج الاختبارات مناطقياً؟
ـ تتميز المناطق ذات الكثافة السكانية العالية (الرياض – مكة – المنطقة الشرقية) بوجود أعلى عدد من الحريصين على التعليم، والحريصين على نيل أعلى الدرجات.
البعض يرى أن المناطق "النائية" تعتمد بشكل كبير على "الفزعات" في منح الدرجات لطلاب الثانوية العامة، حيث إن المعلمين دون المستوى مع نظرائهم في المدن الرئيسية؟
ـ المناطق البعيدة والنائية، يكون حرصها على التعليم أقل من المناطق الرئيسية، حيث إنها بيئة غير محفزة على التعليم، وهناك اهتمامات تتفوق على التعليم، مثل الفلاحة والرعي، ونحن نادينا بأن يتم تعيين معلمين ليسوا بعيدين عن مناطقهم الأصلية، كما يجب ألا تكون تلك المناطق عبارة عن عقوبة في تثبيتهم هناك.
تفوق المقيمين
من يتفوق في اختبارات القياس، السعوديون أم المقيمون؟
ـ ليس لدي أي مشكلة في الإفصاح عن تفوق المقيمين على السعوديين عند المقارنة بينهم، حيث سبق للمركز أن قام بإحصاء أحد الاختبارات، واكتشفنا أن أفضل 80% ، هم من غير السعوديين. ولابد لنا أن نعترف أن المشكلة يتحملها الطالب أو أسرته من جهة قلة "الحرص"، بينما تجد غير السعودي يحرص هو و أسرته لتحقيق أعلى الدرجات، سعيا للحصول على منح دراسية في الجامعات، أو أن يتمكن من الحصول على مقعد في جامعات وطنه. بينما أرى أن هناك مشكلة لابد من حلها، عبر تطوير الطالب والمعلم في آن واحد.
التعاون مع وزارة التربية
هل هناك تعاون بينكم وبين وزارة التربية والتعليم، فيما يخص تطوير المعلم؟
ـ نعم، بين المركز و الوزارة آلية جديدة لمعرفة مدى تمكن المعلم من تأدية هذه المهنة، وفق خطط المملكة التعليمية. بل إن المركز في جانب آخر عمد إلى رفع معدلات التنافس التطويري بين المدارس، عبر مركز إحصائي موجود في موقع المركز، على الشبكة العنكبوتية.
بالنسبة للعاملين بالمركز الوطني للقياس، هل جلهم سعوديون؟
ـ القائمون على الاختبارات سعوديون، وحتى العاملون بالمركز جلهم سعوديون، ولكن قد نعتمد على غير السعوديين في التخصصات التي تتعلق باللغة الإنجليزية.
اكتشاف المواهب
هل للمركز دور في اكتشاف الموهوبين و تطوير تلك الموهبة؟
ـ المدارس تحرص على أن تخرج طلابا متميزين منها، ويتم ترشيح الموهوب عبر المعلم أو ولي الأمر، ونحن نقوم باختبارات فردية للموهوبين للتأكد من ارتفاع نسبة الذكاء. ولدينا اتفاق مع مركز الملك عبدالعزيز لرعاية الموهوبين (موهبة) لعمل مسح شامل على المدارس، ونربط النتائج بوحدة بيانات تمكن الجميع من الاطلاع عليها، لمعرفة مستوى الموهوب، ولن يتوقف الأمر على طلاب السنة الثالثة في المرحلة الابتدائية وحسب.
المدارس الأهلية
دائما ما تتهم المدارس الأهلية بمنحها درجات مبالغا فيها لطلابها، مقارنة بمثيلاتها الحكومية، هل ترى أن ذلك أمر واقعي؟
ـ حقيقة أن بعض طلاب المدارس الأهلية حققوا مراكز عليا في اختبارات القياس، كما أن هنالك عينات سيئة في المدارس الأهلية والحكومية أيضا. وسبق أن طلبت وزارة التربية والتعليم من المركز بيانات درجات المدارس الأهلية، وهم جادون في العمل في هذا المجال، ويريدون أن يكافئوا المدارس الجيدة، ويعاقبوا أو يوقفوا المدارس غير الملتزمة، كما أن القائمين على التعليم الأهلي بالوزارة يصرون على أن نجري اختبارات لمعلميهم في المدارس، وفي المستقبل القريب سيتم إعداد اختبارات للمعلمين غير السعوديين.
بصمة الطالبة
ماذا عن مشروع بصمة الطالبة؟
ـ بدأت جامعات البنات باشتراط اختبارات القياس منذ 3 سنوات، وأصبح لزاما على الطالبة تقديم بطاقة تعريفية للدخول، وفي حال عدم وجود بطاقة هوية وطنية مسجلة فيها بصمة الطالبة، تقوم المراقبات بالتحقق من هويات جميع الطالبات عبر أخذ البصمة الموجودة في البطاقة، والبصمة الطبيعية في قاعة الاختبار. ومشروع بصمة الطالبة حظي بدعم مستمر من قبل وزير التعليم العالي، خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
انتحال الشخصية
هل تمكن المركز من اكتشاف حالات انتحال للشخصية؟
ـ في أي اختبار في العالم تحدث تجاوزات. والمركز ضبط في سنة واحدة أكثر من 200 حالة انتحال شخصية، ولكن ولله الحمد انخفضت حالات انتحال الشخصية في السنة الماضية، إلى ما دون 50 حالة، ونأمل في هذه السنة انخفاضها أكثر فأكثر. ويمكن للمركز اكتشاف طرق الانتحال بوسائل مباشرة، من خلال أدواتنا الخاصة التحليلية، أو بصورة غير مباشرة. وآمل أن يتم مستقبلا اعتماد بطاقة الهوية الوطنية عبر مطابقة البصمة الموجودة في الهوية الوطنية، مع البصمة المأخوذة من قاعة الاختبار. وأؤكد لكم أن وسائل الانتحال و التزوير تتطور ولكننا في المركز نعمل على اكتشافها أولا بأول.
النشاطات الخارجية
ما هي النشاطات الخارجية للمركز؟
ـ للمركز جهود خارجية كبيرة، إذ إنه في جامعة البحرين نقوم بإجراء اختبارات للقياس منذ 6 سنوات، كما أجرينا تجارب واختبارات في كل من عمان وقطر.
ألا يشكل هذا الامتداد الخارجي لمهام المركز تشتيتاً لجهوده الداخلية؟
ـ ليس هناك أي تشتيت، ولكن نعتبر الأمر من باب النجاحات للمركز، ونحن نوازن بين الأهم والمهم، والتكامل الموجود بين دول الخليج يفرض هذا التقارب بيننا.