هل صحيح أن القطاعات الحكومية تعاني من تضخم كبير في أعداد موظفيها؟ في الحقيقة لا توجد أرقام فعلية تؤكد وجود هذا التضخم خاصة أن هناك شواهد كثيرة تبين عكس ذلك مما يؤكد أن القطاعات الحكومية في حاجة ماسة لأعداد جديدة من الموظفين. لذلك لواستسلمنا للمقولة التي تتردد منذ أكثر من عشر سنوات حول تضخم عدد موظفي الحكومة دون مراجعة وبدون تقييم جديد، فذلك يعني أننا نضع مسؤولية تجفيف البطالة في أيدي القطاع الخاص ليتحملها وحده. وهذا الأمرلا يمكن تحقيقه لسببين: أولهما تقاعس بعض القطاعات الأهلية في تحمل المسؤولية، والسبب الثاني أن القطاعات الصادقة والمؤمنة بمسؤوليتها الاجتماعية لن تجد من مخرجات التعليم ما يحقق لها الخبرة التي تحتاجها.
أول شاهد على وجود حاجة ملحة لتوفيرأعداد إضافية من الموظفين في القطاعات الحكومية، عدم تناسب العدد الحالي من موظفي القطاعات الخدمية مع الأعداد الكبيرة من جمهورالمراجعين في مكاتب العمل والأحوال والقطاع الصحي على سبيل المثال. الشاهد الثاني، وجود أعداد كبيرة من الموظفين المعينين على بنود العقود منذ أكثر من عشر سنوات مما يؤكد أن طبيعة هذه الوظائف دائمة وليست مؤقتة. إضافة إلى ذلك، وجود حاجة ملحة ومستمرة إلى التخصصات الفنية والصحية والطبية وغيرها التي لم تلب بعد.
أمام هذه الشواهد؛ لابد من مراجعة مقولة اكتفاء القطاعات الحكومية من الموظفين. ويعني ذلك إعادة تقييم الاحتياجات الفعلية للوظائف الحالية، خاصة أن طبيعة الأعمال الجديدة تستوجب مواصفات وتخصصات مختلفة عن تلك التي وضعت في أوقات سابقة. على سبيل المثال، هناك حاجة ملحة لمتخصصين في إدارة المشاريع وتقنية المعلومات، وكذلك متخصصين في المتابعة المحاسبية والقانونية. الأمر الذي يفتح الباب أمام توفير وظائف جديدة لسد الاحتياجات الجديدة والمتزايدة. كذلك من المفترض أن يتم حصر أعداد الموظفين الحاليين وإعادة توزيعهم على جميع القطاعات للتحقق من الاحتياج الفعلي للوظائف الجديدة، خاصة أن هناك جهات مازالت تعاني نقصاً في كوادرها وبالتالي الإسراع في تثبيت موظفي العقود لكي نحقق لهم الأمان الاجتماعي والاطمئنان النفسي .
من الطبيعي أن تتزامن حزمة هذه المراجعة مع إشراك القطاع الخاص ليتحمل دوره في تجفيف منابع البطالة. وأول ما يحتاجه هذا القطاع هو توفير الملاءة القانونية لحمايته من أخطاء العاملين كالتوقف المفاجئ للعامل أو الموظف عن العمل بعد تدريبه. وعلينا أيضاً أن نوفر لهذا القطاع البيئة المشجعة التي من أهمها الإسراع في جعل مخرجات التعليم تتناسب مع ما يحتاجه كلا القطاعين العام والخاص.. وإشراكه في قرارات السعودة وإجراءاتها.
[email protected]