قضية التعصب ضد المسلمين في أمريكا موجودة معنا منذ فترة لا بأس بها. خلال الأسابيع القليلة الماضية، كانت هناك مجموعة من الأحداث التي قذفت بهذه المشكلة إلى مقدمة الاهتمامات الوطنية.
منذ فترة قريبة، بثت قناة (CNN) برنامجا بعنوان "غير مرحب بهم: الجيران المسلمون"، وهو برنامج وثائقي مميز من إنتاج سوليداد أوبرايان يتحدث عن قصة الصراع في مدينة (مورفريزبورو) في ولاية تينيسي حول ما إذا كان سيسمح للمسلمين في تلك المدينة ببناء مسجد جديد.
قال لنا بعض السكان إن مدينة مورفريزبورو تفاخر بأنها "مجتمع ترحيبي" وأنها تشكل "عائلة" واحدة. ولكن في هذا البرنامج نراهم يتحدثون بأنفسهم عن أنفسهم وهم غاضبون، ينفثون كراهية، ويهاجمون جيرانهم المسلمين. البرنامج يبرز محاولة فاشلة، ولكنها لا تزال مؤلمة، لمعارضي بناء مسجد في الحصول على حكم قضائي من محكمة في تينيسي يقضي بأن الإسلام ليس دينا ولذلك فإنه لا يتمتع بحماية قانون الحقوق. الصورة التي ترسمها كلمات وتصرفات معارضي المسجد مقلقة ومرعبة.
بعد يومين من عرض ذلك البرنامج، قام السيناتور ريتشارد دوربين، رئيس اللجنة الفرعية حول الدستور، الحقوق المدنية، وحقوق الإنسان التابعة للجنة القضائية في مجلس الشيوخ، بعقد جلسة استماع للبحث في "الحقوق المدنية للمسلمين الأمريكيين". خلال هذه الجلسة، بين مجموعة الشهود من الحزبين أن هناك زيادة كبيرة في جرائم الكراهية، وأن حوادث عديدة، مثل الضجة التي أثيرت حول المركز الإسلامي الذي كان هناك اقتراح ببنائه في جنوب مانهاتن والاحتجاجات ضد المسجد في مورفريزبورو، تدل على أن التمييز حقيقي ويهدد الحقوق الدستورية للجالية الإسلامية في الولايات المتحدة.
أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون، الذين كانوا أعضاء في المجموعة الفرعية، استخدموا تعليقاتهم لترديد الخط الذي يتبناه التيار اليميني. شجبوا جلسة الاستماع واعتبروها إلهاء عن الجهد الأكثر ضرورة لكشف وهزيمة التطرف الإسلامي.
السيناتور جون كايل، على سبيل المثال، قال "أنا محتار قليلا حول دوافع جلسة الاستماع اليوم. الطريقة الوحيدة لإيقاف الإرهابيين هي في معرفة من أين يأتون". وكأن تلك الملاحظة ستبرر سلوك أولئك الذين ينكرون على المسلمين أن يكفل القانون حقهم في بناء مساجد أو التمتع بحرية ممارسة دينهم.
وبينما كان هذا كله يحدث، كان الطامحون الرئاسيون لعام 2012 من الحزب الجمهوري يغازلون قاعدة المتدينين الأصوليين في حزبهم ويطلقون تصريحات مشينة حول الإسلام والمسلمين. ففي إطار حديثه أمام آلاف من أتباع جون هاجي (مؤسس منظمة مسيحيون من أجل إسرائيل)، عبر رئيس الكونجرس الجمهوري السابق نيوت جينجرتش عن الاعتقاد الخاطئ والغريب بأنه "إذا لم ننتصر في المعركة حول طبيعة أمريكا، فعندما يصل أحفادي إلى عمري سيكونون في مجتمع علماني ملحد، مجتمع يحتمل أن يسيطر عليه متطرفون إسلاميون دون معرفة ما كان يعنيه يوما أن يكون المرء أمريكيا."
هيرمان كاين، وهو جمهوري طامح للرئاسة أيضا، انضم إلى المعركة. عندما سئل فيما إذا كان قد يفكر في تعيين مسلم في وزارته أو في القضاء الاتحادي إذا فاز في الانتخابات الرئاسية، أجاب كاين "لا، لن أفعل ذلك، وإليكم السبب. هناك محاولة مريبة لإدخال الشريعة الإسلامية والدين الإسلامي إلى حكومتنا. هذا لا ينتمي لحكومتنا".
وفي نفس الإطار، تباهى منافس آخر على الرئاسة، وهو حاكم ولاية مينيسوتا السابق تيم بولينتي، بأنه قام بإلغاء برنامج في ولايته كان سيسمح للراغبين في شراء منازل بالحصول على قروض تتماشى مع الشريعة الإسلامية. بولينتي أكد أنه فعل ذلك لأن "الولايات المتحدة يجب أن يحكمها الدستور الأمريكي، وليس القوانين الدينية".
هذان مجرد تعبيرين عن العداء ضد الشريعة الإسلامية، وهي موجة بدأت العام الماضي عندما مرر الناخبون في أوكلاهوما استفتاء يمنع تطبيق الشريعة الإسلامية في ولايتهم (دون أن يعرفوا بالطبع ما هي الشريعة). هذه الحركة استمرت بالنمو. خلال الأسبوع الماضي، أعلنت ولايتان أخريان أنهما ستتبعان أوكلاهوما في اقتراح تشريع يمنع الشريعة، مما يرفع عدد الولايات التي أصابتها عدوى العداء للشريعة إلى 15 ولاية.
ومع أن جمهوريين آخرين لم يتحدثوا خلال الأسبوع الماضي، فإن عددا منهم مثل السيناتور ريك سانتورم، سارة بيلين، الحاكم السابق مايك هاكابي، وعضو الكونجرس ميشيل باشمان جميعهم عبروا الشهر الماضي عن آرائهم حول الإسلام والمسلمين ـ وهي آراء ليست جيدة ولا تنم عن معرفة.
سواء كان مصدرها الجموع المعادية للمسجد في مدينة مورفريزبورو، أو التشريع المقترح المعادي للشريعة، أو التعليقات المؤلمة التي يطلقها مرشحون لمناصب عليا، فإن هذه الموجة المتزايدة من التعصب خطيرة. الجمهوريون الذين يغازلون التطرف يحركون شراباً قد يكون قاتلا. السيناتور دوربين كان على حق في إطلاقه صفارة الإنذار. لكن ما هو معرض للخطر هنا أكثر بكثير من مجرد اختبار لمدى التزام الولايات المتحدة بقانون الحقوق. إن الطريقة التي يتم من خلالها حل هذا الأمر يمكن أن تعرّف روح ومستقبل أمريكا. كما أنه سيشكل كيفية تعاملنا ليس فقط مع المواطنين المسلمين، ولكن مع جزء هام من العالم أيضا.