يطلبون اليوم من الصديق (الشقيق) الشاعر، أحمد عبدالله عسيري أن يترك مقعده في إدارة جمعية الثقافة والفنون في أبها وهو يضحك مبتسماً وسعيداً بهذا الكارت الأحمر. والذين يطلبون منه أن يرحل قد لا يدركون كم هي المرات السابقة التي استبق فيها هذا الشاعر طلبات الرحيل مثلما لا يدركون كم هو الوقت والجهد الذي ضحى به في مسيرة طويلة من العمل التطوعي في خدمة موروث وثقافة هذه المدينة. ويحزنني جداً أنهم قد لا يدركون حتى إنهم – مدينون – له بكل فوارغ جيبه الخاص وهو الذي دفع منه من أجل مسيرة – الدفع – التطوعية، ولهم أن يقرأوا مسيراتهم ليعرفوا مكعب – الصفر – الذي خلا من اسمه.
واسمحوا لي إن قلت إنني أشعر أن هناك من يقف ضد ثقافة هذه المدينة وينفخ في (شمعة) أبها كي ينطفئ ذلك الحضور الطاغي الذي كانت عليه. أجبرونا من قبل أن نودع – محمد الحميد – فاخترنا محمد زايد الألمعي ليمهلوه مجرد بضعة أشهر. وأنا لا أبخس الحاليين جهدهم ولكن الثقافة – إجماع – واجتماع على رمز، والرموز الثقافية حين تحظى بالإجماع والقبول لا تقال ولا تستقيل. المثقف الرمز لا يتقاعد وبعد هذه السنين نحن شهود المكان على نتائج هذه الكوارث. أعطوني ناديا أدبيا واحدا، تجاوز محمد الحميد، من قبل أو من بعد.
هؤلاء لا يدركون أبداً أن المثقف الرمز هو حامل أسرار المدينة. وأديبنا المؤدب الضخم، أحمد عسيري، لأبها، مثل محمد دياب لجدة وابن عيسى لأصيلة ويوسف الشيراوي للمنامة، وحين نجتمع إليه – بالإجماع – فلماذا تتطوعون بنسف هذا الرمز؟ لماذا تظنون أن حملة أسرار المدينة وبناة هيكلها الثقافي و(مؤلِّفة) قلوبها المتباينة لا يختلفون عن مديري الضمان الاجتماعي أو فرع وزارة الزراعة؟ لماذا لا تأتون إليه في مكتبه لتقرؤوا الكارثة التي تبذرون (صبَّارها) بقرار مركزي ولماذا لا تأخذون رأي هذه المدينة وهي تودع حامل الأسرار الذي كتب فيها أعمق الشعر وأكثفه، وجمع لها كل لوحات المطر والعرعر ودوَّن لها كل فرائح وبكائيات موروثها الشعبي الضخم؟
لماذا لا تسألون كل عابر سبيل في طرقات هذه المدينة عن هذه الرموز لتمتحنوا كل حرف كتبته كي لا تنطفئ شموع هذه المدينة. أما إن كان الهدف أن نغمض – العين – مثل ما أغمضنا أختها الأخرى من قبل فأخبرونا وسنفعل دون طلب.