لبناء المساجد وعمارتها وتشييدها أثر كبير في نفوس الناس, وأن من يبنون بيوت الله يحرصون على دقائق الأمور في المسجد، وأن توفير الراحة للمصلي وتفرغه للعبادة هي الهم الأكبر لديهم، فيما يعتقد البعض أن البناء والتكلف أدعى لثبوت الأجر ولكن هناك فئة ليست بالبسيطة تنظر إلى المسألة من جانب إنساني فيقولون: لو تم كفالة أيتام وتدريس طلبة والدفع عليهم ورعايتهم كان أدعى وأثبت للأجر. يقول إمام جامع المحيسن الشيخ عادل الكلباني إن ظاهرة الزخرفة والبناء قديمة وورد النهي عنها ولكن ما يميل إليه هو أن يكون المسجد وفخامته من واقع الحي الذي يقام فيه فلا يمكن بناء مسجد عادي وبفرش مهترئ في حي راقٍ والعكس صحيح. ويضيف أن ازدحام الناس ووجودهم في مساجد دون أخرى يعودان في السبب الأول إلى الإمام ولما يضعه الله له من قبول في نفوس المصلين، والسبب الثاني ربما يعود إلى تكييف المساجد ووجود المواقف ووفرتها.

وعن المبلغ الذي يصرف على الجامع الذي يؤمه الكلباني شهريا للصيانة فقط يقول: إنه يتجاوز الـ25 ألف ريال شهريا أما المناشط الدعوية التي يقوم بها المسجد فتكلف بحدود 400 الف ريال سنوياً، مبيناً أن بعض المساجد تمشي التزاماتها "بالطرارة" من خلال بعض جماعة المسجد، نظراً إلى عدم وجود محسن ثابت قائم عليه.

وعما يقدم من مغريات للأئمة للانتقال من مسجد إلى آخر، يؤكد الشيخ الكلباني أن الأئمة مساكين ويطالبهم الناس بأكثر من طاقتهم أحيانا، ويتابع "لا أعلم أن هناك أئمة قدمت لهم سيارات أو هدايا جراء إمامتهم لمساجد المحسنين الكبار، بل لا توجد حوافز من قبل وزارة الشؤون الإسلامية للأشخاص الذين قضوا أعواما كثيرة في الإمامة.

وعما قدمته له الوزارة طوال إمامته، قال الكلباني قدم لي حدود ستة خطابات شكر ولكنها مختومة بالسرية التامة، ويؤكد الكلباني أنه طوال عشرين سنة قضاها في مسجد الملك خالد لم يتعب في البحث عن مال لإفطار الصائمين والصرف على الحلقات لأن أبناء الملك خالد يصرفون على المسجد بسخاء، كما أن مسجد المحيسن الذي يصلي فيه حاليا لا توجد فيه أي مشاكل لأن صاحبه يتكفل بكل مصروفاته.

وعن تشبيه البعض انتقالات الأئمة باللاعبين، يقول الكلباني: شبهونا بانتقالات بعض الوزراء من وزارة إلى أخرى لخدمة البلد فنحن أيضا نخدم من خلال المحراب.

وعن الأشياء الغريبة التي يشاهدها في المسجد يقول: إنه في بعض الأحيان يصلي عنده شباب بملابس غريبة ومثيرة، "وقد صلى عندي ذات يوم رجل فنظرت إليه بعد الصلاة فإذا بقصة الشعر الغريبة والملابس الضيقة، إلا أنه طلب مني بعد الصلاة أن يقرأ علي القرآن وهذا يدل على طيبة الناس وحبهم للخير.

وعن مطالبة البعض له بتخفيف الصلاة، يوضح الكلباني بأنه في حال يخفف الصلاة يستغرب البعض منه ويطالبه بتطويل القراءة أيضا.

ويؤكد الباحث الإسلامي تركي الغامدي أن النهي عن الزخرفة الزائدة في المساجد جاء لسببين الأول لأنها تلهي المصلين عن صلاتهم والثاني لأنه مع مرور الوقت سيهتم الناس بالعمارة الحسية وينسون العمارة المعنوية.

وعما يصرف على المسجد الذي يصلي فيه، أوضح الغامدي أنه لا يعرف حجم الصرف، ولكن هناك أمور عديدة ومصاريف على المحسنين من صيانة وحلقات ومناشط دعوية وتطييب للمسجد تعد مكلفة أحيانا.

وعن الدعاة الذين يتهمهم الناس بالحرص على المساجد المزخرفة، يؤكد الغامدي أن المسألة ليست بكبر المسجد أو زخرفته ولكن لنشاط الأشخاص الذين ينسقون المحاضرات والدروس وليست كما يقال إن الدعاة لا يأتون إلا للمساجد الكبيرة.

وعن المزايا التي تقدم للإمام جراء إمامته لبعض المساجد من عدمها، أشار الغامدي إلى أن السكن المقدم وبعض المزايا يجب أن يعلم الناس أنها بسبب الطوارئ التي يعيشها الإمام طوال اليوم والليلة فهناك مشاكل لا تعد ولا تحصى يتعرض لها الإمام لأنه الواجهة التي يذهب إليها جماعة المسجد في حال وجود مشاكل.

ويضيف بالقول: إبان إمامتي لأحد المساجد طلب مني أحد المأمومين أن أنجز الصلاة بسرعة بسبب وجود مباراة مهمة، مشيراً إلى أنه يحرص على إرضاء الناس ولكن بعد أن تطبق السنة في الصلاة.

من جانبه قال، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد الدكتور توفيق السديري إن تنقل الأئمة بين المساجد يخضع للنظام واللائحة تجيز تنقل الإمام وفق المصلحة التي يقتضيها الحال، مؤكداً أن تنقل الأئمة من مسجد إلى آخر لم يصل إلى حد الظاهرة إلى الآن وأن المحسنين الذين يبنون مساجدهم يحرصون على وجود الأئمة أصحاب الأصوات الحسنة، وقال إن أي انتقال لأي إمام لا يمكن أن يحصل إلا بإذن وموافقة من قبل الوزارة.

وعن الاتهام الذي يطال بعض الأئمة كونهم يأخذون مبالغ أخرى من غير المخصصة من قبل الوزارة، أكد السديري إن النظام لا يجيز أخذ أي مبالغ مالية وأن الوزارة تعطي الأئمة مكافأة ولا تسمح لهم بأخذ أي مبلغ غيرها، محذرا من أخذ أي مبالغ دون الرجوع للقنوات الرسمية بالوزارة، وأضاف أن الأساس في عمل الإمام هو الاحتساب وهذا ما سار عليه سلف الأمة ونظام الدولة الحالي.

وعن الترف الزائد في بناء المساجد من قبل بعض المحسنين، أكد السديري أن بعض التصميمات منعت من قبل الوزارة لعدم ملاءمتها, وأن هذه المسألة منظمة منذ العام الفائت بعد أن صدر دليل شامل لفاعلي الخير عندما يرغب أحدهم في البناء.

وعن وجود تصميم معين للمحسنين للحد من البذخ، أشار السديري أن هناك مخططات بناء للمساجد تعطى للمحسنين بالمجان وفي بعض الأحيان القليلة يرغب البعض في البناء وفق ما خطط له وأن الجهات المختصة تقرر بعد عرض المخطط عليها إجازة البناء من عدمها.

وعن تقييم الأئمة في كل عام، قال السديري نقيم الأئمة من خلال المراقبين على الرغم من قلتهم, وعبر برنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها عن طريق الفرق المختصة، إضافة إلى الملاحظات التي تكتب في الصحف أو تلك التي تصل من المواطنين أيضا.

ويقول رئيس جمعية "سنن" الدكتور عبدالعزيز السعيد إن عمارة المساجد شيء مستحب ولكن زخرفتها وكتابة الآيات على جدرانها أمر منهي عنه شرعا، وعما يصرف للأئمة من أموال في بعض الأحيان، أكد أنه ينبغي أن يعلم أن الأصل في وظائف الأئمة والمؤذنين الاحتساب وما يمنحونه من رزق من بيت المال أوغيره فجائز لهم أخذه، لكن ليس أجرة على الإمامة أو الأذان، وأن أمر هذا الرزق يعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية نفسها, فإنها الجهة المخولة برعاية الأصلح في هذا الشأن.