400 عام وأكثر مرت على وجود العيون الأثرية بمحافظة العلا – شمال المدينة المنورة – وبالرغم من تلك القرون التي مضت عليها إلاّ أن بعضها مازالت مياهها جارية ويسقي القائمون عليها مزارعهم منها دون احتياج إلى آبار ارتوازية أو مياه جوفية، القائمون عليها أشخاص معينون توارثوا ملكيتها عن آبائهم وأجدادهم بوثائق رسمية موقعة من "منصوب" الملك عبدالعزيز آنذاك – أي ما يعادل حالياً أمير المنطقة أو المحافظ – حيث تتوزع تلك العيون على عدد من هجر المحافظة .
وذكر المواطن ( السبعيني )مفلح محمد البلوي وهو أحد القائمين على "عين شلال" التي تقع شمال المحافظة بالجزء الشرقي من حرة عويرض لـ "الوطن" أن عدد العيون الموجودة بالعلا وما زال الماء جارِ بها ما يقارب الـ 14 عيناً منها ما مضى عليها أكثر 400 عام ، مشيراً الى أن العين التي هو مسئول عنها ضمن مجموعة من اهالي الهجرة تم افتتاحها عام 1345 بعد ما تم الاجتماع بين كبار أعيان قبيلة المناصير من بلي ،حيث توجهوا بالذهاب إلى "منصوب الملك عبدالعزيز" وكان هو أمير العلا آنذاك , أو ما يسمى بـ "رجال الملك عبدالعزيز" للإشراف على تقسيم الماء والأرض ، حيث تم توزيعها على 42 شخصا من مُلاك العين كل سبعة أشخاص منهم لهم حق سقيا مزارعهم من العين لمدة يوم وليلة ،مشيراً الى أن تلك الاتفاقية مازالت قائمة منذ ذلك الوقت حتى الآن ، وأن مصاعب جمة واجهتهم في عملية فتح طريق مجرى العين، خصوصاً وأنها تقع بمنطقة جبلية في وقت يفتقر لوجود معدات تساعد في الحفر وتخفف العبء على العاملين بتلك العين .
وأضاف مفلح البلوي أن العمل بفتح العين بذلك الوقت يستغرق يوماً كاملاً يتكفل فيه أحد أهالي القرية بإطعام العاملين عليها.
وعن مصدر مياه عين شلال أشار البلوي الى أنه ينبع من جبل حرة عويرض فيما يبلغ طول مجرى العين من "البركة" التي يجتمع بها الماء إلى منبعه ما يقارب الـ 380 مترا تقريبا مشيراً الى أن عين شلال اشتهرت سابقاً بزراعة النخيل والقمح والشعير أما في الوقت الحاضر فاقتصرت على النخيل فقط .
وقال البلوي إن حرة عويرض تحتضن هجرة (ضاع) - نسبة الى ضياع مياه العين بغزارة دون الاستفادة منها - التي كان يجري بها ثلاث عيون اكبر وأكثر غزارة من عين شلال إلاّ أن بقاء تلك العيون لم يدم طويلاً حيث بدأت بالاندثار عندما هجر سكان تلك الهجرة إبان توحيد المملكة العربية السعودية مساكنهم متجهين للسكن بالقرى والمدن مشيراً الى أن المحافظة اشتهرت بعدد من العيون الأخرى منها عيون هجرة دخنا ، وعيون هجرة جيلة ، وعيون هجرة ثربة ، وعيون هجرة عورش حيث تجاوز عمر بعضها الأربعة قرون وما زال المسؤولون عنها من القائمين عليها والمتوارثين مسؤوليتها عن آبائهم وأجدادهم محافظين عليها.