بالأمس القريب كانت القنوات الفضائية ترفض المواد المرئية التي يوثقها (العامة) عبر هواتفهم النقالة بحجة أن (جودة الصورة) لا ترتقي لمستوى الشاشة والمشاهدين.
اليوم تبدل الحال لأسباب كثيرة ومختلفة منها صعوبة وصول الكاميرا لمكان الحدث في الوقت المناسب وإن وصلت لا يمكن لها قراءة كافة التفاصيل والقصص الميدانية الحقيقية فضلا عن جانب السلامة لطاقم العمل ومعداته عندما يتعلق الأمر بالحروب والمظاهرات وخلافه.
من هنا شهدنا غالبية الأحداث المفصلية في المنطقة وقد وثقت بالهواتف النقالة وعبر كاميرات الهواة من أسطح المنازل ونوافذ الشقق ومن داخل السيارات بداية من أحداث الانتخابات الماضية في إيران وغيرها في الدول العربية من كافة الاتجاهات شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.
تقوم الدول على سلطات ثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) ونظرا لمكانة الصحافة وأدواتها المهمة نعتت (بالسلطة الرابعة) ومع نشأة الإنترنت وحجم خدماته الهائلة وصف (بالسلطة الخامسة) والآن يبدو أننا في وسط مرحلة جديدة، وإن كانت تنبثق من الإنترنت إلا أنها مختلفة من حيث الممارسة والأبعاد.
هذه المرحلة تسمى بصحافة المواطن أو إعلام المواطن بحسب المراجع المتخصصة وتعني ممارسة مواطنيّة جماعية وتشاركية للعمل الإعلامي لا تقصي أحدا ولا تحصرالمهنة في فئات بعينها تسعى إلى فرض رؤى أيديولوجية على الفئات الأخرى المغلوبة على أمرها.
إعلام المواطن أضحى مصدرا للأخبار والمعلومات، بل توثيقا حقيقيا لمجريات الأحداث، دون مونتاج أو إشراف فني، بل ويستفاد منه في إعداد الأفلام الوثائقية، والمصدر شعار (اليوتيوب)، وهذا يعني التحول من نظرية وسائل الإعلام الجماهيرية إلى إعلام وسائل الجماهير، بمعنى آخر؛ تعمل صحافة المواطن على طرح القضايا التي أقصيت من دوائرالاهتمام في الإعلام الرسمي لأنها لا تنسجم مع سياسات الدول.
باختصار.. إعلام المواطن أسقط حكومة زين العابدين وحسني مبارك ومستمرفي منهجه مع زعيم زعماء نفسه وملك ذاته السيد معمر القذافي، إضافة إلى بلدان عربية أخرى تشهد هذه الأيام اضطرابات.
إذا إعلام المواطن هو السلطة المليون، لأنه رقم يحلم فيه الكثيرون، وقد تحقق.