في الوقت الذي يعتبر فيه الرجال وجود شعيرات بيضاء في الرأس أو الشارب أو الذقن دليلاً على الوقار والحكمة، تعتبر النساء الشعرة البيضاء هاجسا، وعلامة تثير الإحباط والاكتئاب، والخوف من تقدم العمر.
وتعلن بعض السيدات حالة الطوارئ أمام الشعر الأبيض، حيث يلجأن للمشاغل النسائية للاستعانة بخدماتها لطمس معالم الشيب، بصبغ البياض بالسواد، خشية أن يرى إحداهن زوجها ويصنفها ضمن القواعد من النساء – حسب قولهن – ويكون ذلك ذريعة لهم للبحث عن زوجة ثانية.
يقول أبو مازن إنه يشفق على زوجته التي أصبحت عميلة دائمة للمشاغل النسائية والمنزلية، لصبغ خصلات من شعر رأسها، بعد أن بدأ الشيب يغزو رأسها.
ويشير أبو مازن إلى أنه لم يلحظ الشيب بشعر زوجته، إلاّ أن تصرفتها دعته إلى ملاحظة ذلك، حيث أنها تظن أن ظهور الشيب من علامات تقدم المرأة بالسن.
ويضيف أبو مازن أنه متزوج منذ 30 عاما، وأن السعادة لا تتحقق ببياض الشعر أو سواده، وإنما بالمشاعر والتعامل الحسن، وذلك ما يجعل الحياة تستمر بين الزوجين.
ويشير جابر السهلي إلى أنه متزوج منذ 20 عاما، وتحرص زوجته على صبغ شعرها باستمرار للحفاظ على جمالها أمامه وأمام الآخرين.
فيما يقول فيصل الحربي إن الشيب أصبح يغزو أفراد الأسر قبل وصولهم إلى عمر الـ30 وإن ظهور الشيب ليس دلالة على تقدم السن. ويضيف "والدي شعره كله أبيض، ونحن مثله. وكنت أصبغ شعري بانتظام، ولكنني تعبت من كثرة الصبغات، كما أنني اكتشفت أن بعضها مقلد، مما تسبب بحدوث حساسية لفروة رأسي".
وأشار الحربي إلى أن ابنه بدأ الشيب يظهر في رأسه مبكرا، وقد دفعه ذلك إلى ترديد أنه أصبح كبيراً. يقول الحربي "عندما أوضحت له الصورة، وأن الشيب يظهر لعوامل وراثية ونفسية، ولا يشترط أن يظهر مع تقدم السن، اقتنع بأن ذلك طبيعي، ويحدث لأغلب البشر".
وقالت أم ثابت إنها تكره خصلات الشعر الأبيض برأسها، وإنها تفكر دائما في الخلاص منه دون جدوى. وتضيف أنها لم تصل بعد إلى العقد الرابع، ومع ذلك خط الشيب رأسها. وأرجعت ذلك إلى المشاكل المستمرة مع زوجها – على حد قولها – ، مشيرة إلى أنها تخصص مبلغا ماليا شهريا لصبغ تلك الشعيرات البيضاء.
وقال الحلاق محمد التركي إن تكلفة صبغ الشعر تتراوح بين 60 -100 ريال بحسب طول شعر الزبون. مضيفا أن من يرغبون في صبغ الشعر باللون الأسود تكون أعمارهم فوق الأربعين من العمر، وبمعدل عميلين إلى ثلاثة أسبوعيا.
وقالت عائشة رزق، صاحبة مشغل "لمسات" بالمدينة إن الطلب مستمر على صباغة الشعر، ويزداد خلال فترة الصيف، وإن أغلب السيدات يبحث عن" لوك" جديد في المقام الأول. مشيرة إلى أن متوسط من تصبغ لهن شعورهن يوميا نحو 50 سيدة.
وعن أحدث صيحات صباغة الشعر قالت عائشة" إن أحدث صيحات الصبغات هي الصبغات الخالية من المونيا وبالزيوت وبدون أكسجين، حيث تم استقدام مدربة من فرنسا الأسبوع الماضي لتدريب العاملات بالمشغل".
ونصحت عائشة السيدات باللجوء إلى المشاغل المتخصصة لصبغات الشعر، والبعد عن الكوافيرات المتجولات اللاتي يتوزعن حول الأسواق. مشيرة إلى أن الشعر بطبيعته حساس، وأي صبغة مقلدة تتلفه ، ويصعب بعد ذلك رجوعه إلى وضعه الطبيعي.
وقالت اختصاصية الأمراض النفسية والعصبية بمستشفى الطب النفسي بالمدينة المنورة الدكتورة أمل كفراوي إن "الشيب ليس عيبا أو مشكلة يصعب حلها، فيمكن صبغ خصلات الشعر، لكن التفكير بالشيب – كما ذكرت - ربما يولد مشاكل كبيرة بين الزوجين".
وطالبت السيدات بأن يعشن حتى آخر العمر بسعادة في ممارسة الرياضة وغيرها، دون التفكير بالشيب. منوهة بأن بعض النساء وصلن إلى سن الـ60 وأكثر، وهن يمارسن التزلج على الجليد.
وأشارت كفراوي إلى أن وجود بعض خصلات الشيب أو الشعر الأبيض بالرجل والمرأة بسن مبكرة ربما يكون وراثيا، وليس له علاقة بالتقدم بالسن، مشيرة إلى وجوب احترام الزمن وما ينتج عنه من تغيرات نفسية بالبشر على حد سواء.