شهد عصر الثلاثاء 22 مارس2011 ، في ختام أعمال منتدى جدة الاقتصادي، "مظاهرة" حضارية من نوع خاص حيث كانت الأسئلة الواعية صوتها العالي وعقول الشباب قوتها الدافعة وحب الوطن والانشغال بهمومه شعارها المرفوع. وكان صداها الإيجابي تفاعل حاكم إداري يدرك محفزات الشباب ويفرح بنشاطهم وحماسهم وتطلعهم إلى الأفضل..

كان حوار بعض أبناء وبنات جدة مع الأمير خالد الفيصل ختاما جميلا مفرحا، لمنتدى جدة الاقتصادي، فقد كان حوارا حضاريا باعثا على الأمل لأنه يعكس وعي شباب هذا الوطن وعمق اعتزازهم بالانتماء إليه والحرص على رقيه ورفعته ومساهمته في مسيرة الحضارة الإنسانية..

كانت الأسئلة من أجل الوطن ولأهل الوطن موجهة إلى رجل من رجالات هذا الوطن الأمير خالد الفيصل، الذي أثارته الأسئلة الشبابية وجددت فيه الشباب وبدا فرحاً منشرحاً حتى إنه لم يستطع أن يظل جالساً ليخاطب تلك الوجوه الشابة المشرئبة المتطلعة إلى الحياة فما كان منه إلا أن هب واقفاً متخففاً من "الرسميات" ليقف بين الشباب والبنات يخاطبهم بلغتهم الحارة الدافئة مجيباً على أسئلتهم بالصدق والشفافية والمشاركة في الأمل والتطلع إلى الحياة.

كان أبناء جدة وبناتها يعبرون، في ذلك اللقاء عن روح شباب هذا الوطن الفخور بالانتماء إليه الحريص على نهضته وتقدمه وازدهاره.. كان حب الوطن والإخلاص له والحرص عليه والرغبة في دعم نهضته ومسيرته نحو الأعلى دافعاً لهم لطرح الأسئلة..

ولم تكن الأسئلة للاستفزاز أو التهويم في الفراغ أو الرغبة في المشاغبة التي ترتبط بالشباب والحيوية.. كان حب الوطن والحرص على منجزاته كافياً لإنضاج الأسئلة وإكسابها المنطقية والمعقولية دون أن يفقدها الحيوية والدفء والصراحة. لم يترك شباب جدة – أمام أميرها – شيئاً يدور في خلدهم لم يسألوا عنه.. نبهوا إلى خطورة تنامي البطالة بين شرائحهم و طالبوا بإيجاد حزمة من الإجراءات والترتيبات للوقوف في وجه هذا الخطر. كما طالبوا بتطوير آليات تشجيع الشباب على الاستثمار وإيجاد "حاضنات" للأعمال تمكنهم من استثمار طاقاتهم. ولم تغب القيم الكبرى عن روح الاجتماع إذ طالبوا بالحريات العامة وتساءلوا عن أسباب إيقاف التجمعات الصيفية.. ولماذا لا يستفاد من الأنشطة اللاصفية في المدارس لتربية الأجيال الشابة على روح المبادرات والتطوع لخدمة الوطن.. وتساءلوا: لماذا لا يرون إجراءات تنهض بمسؤولية إصلاح نظام المرور حتى يستطيع الإنسان – رجلاً أو امرأة – أن يقود سيارته في طرقاتنا آمناً مطمئناً .. وناقشوا مشكلة المواصلات العامة في المدن السعودية ولماذا تظل مدننا عاجزة عن بناء شبكة مواصلات عامة تحل مشكلة الزحام وتريح الناس من تكدس السيارات في الطرقات.. وكانت الشكوى من فشل الجهاز الإداري الحكومي وضعف تنفيذ المشاريع وإهدار طاقات الوطن وثروته حاضرة في أسئلة الشباب حين أشاروا إلى تجربة "أرامكو" ونجاحها رغم أن من يديرها هم شباب سعوديون وتساءلوا: لماذا لا تطبق تجربة هذه الشركة الوطنية ويستفاد من أسلوب إدارتها ومناهجها الناجحة.

كان الشباب واعياً لأهمية استمرار مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد والعناية بأمن الأحياء وتوسيع مسؤوليات العمدة وتنسيق أعماله مع مراكز الأحياء ونشر المكتبات العامة بها .. ونوهوا بأهمية تكوين مؤسسات المجتمع المدني ورعايتها لتكون عونا للمسؤولين في منظومة الحرب على الفساد التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ويتابع أعمالها. وطالبوا بأن تكون "جمعية التطوع" منشأة دائمة الوجود ولا تقتصر على الأزمات والكوارث .. وفي سلسلة المطالب تبرز أهمية رياضة الفتيات ولماذا تظل الفتاة محرومة من إثبات وجودها أسوة بأخيها الشاب. وطالب الشباب بتمثيلهم في المجالس الأهلية مثل المجلس البلدي ومجلس المنطقة ومجلس الشورى بل في مجلس الوزراء .... ولم يغفل شباب جدة أهمية الاستفادة من خطب الجمعة واقترابها من حياة الناس بدلاً من "اغترابها" وابتعادها في النصوص المحفوظة التي لا تمس مشاكل الناس اليومية.

وهكذا تبدو "خريطة" أسئلة الشباب في جدة ممتدة على مساحة هموم الإنسان السعودي المعني ببناء وطن غير مشغول بما يصرفه عن هذا الهدف الأسمى.. وقد شهد اللقاء تفاعل الأمير المثقف خالد الفيصل مع الشباب وبادلهم الرأي بلغة "حارة دافئة" شعروا معها أنه عاد إلى عنفوان شبابه بلغة جسده وشفافية عبارته حتى تجلى ذلك على وجوههم... إنها "مظاهرة" نافعة تبني ولا تهدم ، تفتح أبواب الأمل أمام شباب مفعم بالحيوية والصدق والرغبة في خدمة وطنه..

تحية لأبناء وبنات الوطن الذين يؤكدون – يوماً بعد يوم – أنهم أهل للثقة وأنهم الأمل والفرح القادم.