بينما عبرت الحشود الضخمة بألف طريقة وطريقة عن سعادتها بلاعبي منتخب أوروجواي لكرة القدم الذين وقفوا على درج مبنى البرلمان، أوجز رئيس البلاد خوسيه موخيكا الشعور السائد بقوله "شكراً لأنكم منحتمونا الأمل في الحلم". وقدرت بعض وسائل الإعلام عدد الذين أحاطوا بالبناية العتيقة الواقعة وسط مونتفيديو بما يتراوح بين 150 و200 ألف شخص، تحدوا البرد القارس وسط درجة حرارة تتأرجح بين ست وسبع درجات. لم يرغب موخيكا في سلب اللاعبين وجهازهم الفني دور البطولة، واكتفى بقول "إلى جميع الفتيان، كلمتان فقط: لم نكن قط بهذا الاتحاد بصرف النظر عن الطبقات الاجتماعية والألوان السياسية، لقد منحتمونا قدرا من الشجاعة والشباب باسم أوروجواي كلها، إن الفضل في هذا لكم، هذا ما حصلتم عليه عن استحقاق، إنكم لا تتمتعون بالوسامة فحسب، بل بالشجاعة أيضا، شكراً بإسم شعب أوروجواي كله". واحتفلت الجماهير التي حملت أعلام البلاد بغزارة رغم وجود رايات بعض الأندية، ربما كما لم تفعل منذ عام 1950 عندما حصل منتخب "السماوي" على لقب كأس العالم بمدينة ريو دي جانيرو ، بالفوز على البرازيل 2/1 في قلب استاد "ماراكانا". لا يتذكر أحد حشودا بهذا الحجم سوى على المستوى السياسي وفي عدد قليل من المرات ، كما حدث عند سقوط آخر ديكتاتورية تحكم البلاد عام 1985 أو بعدها بخمسة أعوام ، عندما اعتلى ائتلاف "الجبهة الموسعة" رئاسة البلاد بعد انتخابات حرة ، للمرة الأولى في تاريخه ولمدة 20 عاما تقريبا. بعد موخيكا تحدث سباستيان باوزا ، رئيس اتحاد كرة القدم في البلاد ، الذي أعرب في كلمة قصيرة عن امتنانه "للاعبين والجهاز الفني ومسئولي الكرة الأوروجويانية والقائمين على منتخبات الناشئين ومسؤولي الأندية المحلية. كرة القدم الأوروجويانية لا تملك علما ، إنه السماوي. تحيا أوروجواي". وبتأثر وامتنان ونبرة هادئة، حذر المدير الفني للفريق أوسكار تاباريز من أنه "لا يجب الوقوف عند النتائج فحسب لدى تقييم الأمور". وأضاف "النجاح ليس نتائج فقط ، بل صعوبات يتم تجاوزها وكفاح دائم وكذلك شجاعة ، والمشوار يعوض عن ذلك كله. شكرا. شكرا جزيلا. تحيا أوروجواي". بدوره ، قال قائد الفريق العائد من جنوب أفريقيا دييجو لوجانو "لم نتخيل هذا قط. تحدثنا جميعا عن أن ماتهدونه إلينا الآن أكثر بكثير مما نستحق. نحن فقط فعلنا ما كان سيقوم به أي لاعب أوروجوياني يرتدي القميص السماوي، وهو بذل حياته في الملعب". بعد هذه "الخطب" البروتوكولية ، طلب المهاجم المخضرم سباستيان أبريو الكلمة ليكسر الطابع الرسمي تماما ، كعادته ، حيث قال : "أتمنى أن يصوت لي كل هؤلاء عندما أترشح لرئاسة البلاد. إن هذا الحب لم يأت بسبب المركز الرابع الذي حققناه في المونديال ، بل من وقت التصفيات"، معربا عن امتنانه للجماهير. وكانت الاحتفالية "السماوية" قد بدأت مبكرا ، عندما بدأت قافلة اللاعبين والجهاز الفني رحلتها من مقر الاتحاد الذي يبعد 28 كيلومترا من وسط مونتفيديو. وتأخر وصول حافلة الفريق أربع ساعات كاملة لقطع هذه المسافة القصيرة، حيث تجمعت الجماهير في الشوارع والطرقات ، ورافقت اللاعبين بسيارات من مختلف الطرز، وحيت النجوم الذين مثلوا البلاد في أول بطولة مونديال تقام في القارة السمراء. وكانت البعثة قد وصلت ليل أول أمس الاثنين وسط درجات حرارة منخفضة، وكان في استقبالها كذلك الآلاف الأشخاص في المطار. وتلقى اللاعبون وأعضاء الجهاز الفني ميدالية ذهبية وأنهوا الاحتفال بإنشاء "الصندوق السماوي" الذي يهدف إلى "دفع تحسين الظروف ، ودعم المواهب والإسهام في تطوير مهارات الأفراد والمؤسسات الاجتماعية". ويساعد الصندوق في "تنمية القدرات والكفاءات"، معتمدا على الرياضة "كأداة رئيسية للتأهيل والتحفيز".