الخطوط السعودية الناقل الوطني الذي نفخر به وبالقائمين عليه. وتاريخ تطور الخطوط السعودية منذ بداية تأسيسها إلى اليوم يسجل للأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الدفاع والطيران المفتش العام رئيس مجلس إدارة الخطوط السعودية، حيث تبنى سموه بناء أسطولها العملاق وإعادة هيكلتها لتستطيع أن تنافس شركات الطيران العالمية ومنحها امتيازات خاصة من الدولة لم تمنح لأي شركة طيران أخرى ورغم ما يثار في الماضي والحاضر من نقد لخدمات الخطوط السعودية والقائمين عليها إلا أننا لا ننكر الجهود القديرة التي بذلها ومازال يبذلها القائمون عليها وإن كانت لم تصل إلى مستوى طموحاتنا رغم تعدد وتناوب المدراء العامين إلا أنه كان اجتهاداً فردياً غير مبني على أسس حديثة.

ولا أرغب الدخول في مزيد من التفاصيل لأن طرحي يتعلق اليوم ببرامج السعودة في وظائف الخطوط السعودية وهي برامج بدأت منذ أكثر من خمسين عاماً ولن ينسى تاريخ الخطوط السعودية معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم رئيسها الأسبق الذي طالب بإنشاء برنامج تدريبي لتدريب الطيارين السعوديين والمهندسين والفنيين، وبدعم من الأمير سلطان تم إنشاء مراكز التدريب المتخصصة للطيارين والمضيفين والمهندسين، وتخرج الآلاف من هذه المراكز حتى أصبحت الخطوط السعودية رائدة السعودة في جميع التخصصات الجوية والأرضية والفنية والإدارية والخدمية، ووصل عدد موظفي الخطوط السعودية من السعوديين إلى ثلاثين ألفا وتقاعد منها الألاف، ومازلنا نفخر ببرامج السعودة التي أتمنى أن تشمل سعودة خدمات الضيافة داخل الطائرات وفي الخدمات الأرضية، حيث وصل عدد المضيفين في الخطوط السعودية إلى خمسة آلاف مضيف ومضيفة حسب المعلومات المتوافرة، منهم حوالي ثلاثة آلاف مضيفة غير سعودية وألفا مضيف سعودي.

وهي أرقام تحتاج إلى إعادة النظر لتتماشى مع برامج السعودة، ومع علمي الخاص بأن مشروع تشغيل مضيفات سعوديات لم يلق القبول من فئة من المجتمع رغم رغبة وحماس بعض المدراء العامين السابقين ورغم استجابة وحماس العديد من السعوديات المتعلمات والراغبات في التدريب على مهام هذه المهنة ورغم موافقة أولياء أمورهن ضمن شروط عمل المرأة النظامية وبالحجاب الشرعي وذلك أسوة بالممرضات السعوديات اللاتي يعملن في المستشفيات لخدمة المرضى جميعهم رجالا ونساءً وأطفالاً ليلاً ونهاراً وبدون الدخول في أمثلة وتبريرات لعمل المضيفات السعوديات فأنا لست مناديا اليوم بعمل السعوديات كمضيفات رغم أنه من العدالة أن نطبق النظام والمبادئ في عمل المرأة السعودية كمضيفة على عمل أي امرأة أخرى في نفس الوظيفة بصرف النظر عن الجنسية، وإذا كانت الضرورة لها أحكام فدعونا نلتزم بالضرورات فقط أي أن لا يصل عدد المضيفات إلى 60% من وظائف المضيفين، وليس من المعقول أن تكون نسبة 60% ضرورة، وقد تكون الضرورة 20% لتوافر مضيفات يخدمن الركاب من الجنس النسائي، وبتحليل نوعية الركاب من الجنسين في الخطوط السعودية يقال إنها وصلت إلى 30% من العنصر النسائي و70% من العنصر الرجالي، وبالتالي لا بد وأن يكون هناك نسبة وتناسب، وهذا هو الهدف من مقالي اليوم، وهو لماذا لا يتم الإحلال في وظائف المضيفات بشباب سعودي يعمل كمضيف، فهناك إمكانية للإحلال في ألفين وظيفة مضيف والإبقاء على ألف وظيفة نسائية فقط ويعاد توزيعهم على الرحلات وإذا كان الجواب أن تشغيل المضيفات أفضل اقتصادياً للخطوط السعودية فإن الجواب الآخر أن تشغيل الشباب السعودي كمضيف أفضل اقتصاديا للوطن، فالعوائد المالية للشباب السعودي تصرف في داخل الوطن ومدخرات الأجانب معظمها تحول خارج الوطن.

وبالتحليل في التكاليف الفعلية كما أظهرت نتائج إحدى الدراسات أن التكاليف في مجملها تكاد تكون متساوية، أما إذا كان الرفض في إحلال الشباب السعودي مكان خدمة المضيفات بأسباب اللغة فإن إكساب مهارات اللغة ليس بالأمر الصعب داخل الوطن أو خارجه أما إذا كان سبب الرفض مزاجية المخططين ومصالحهم الخاصة لهذه الخدمة فإن مصلحة الوطن فوق كل المصالح وعلى القائمين على برامج سعودة الوظائف في الخطوط السعودية أن يقدموا مصلحة الوطن أولاً.

إن نجاح تجربة تدريب المضيفين السعوديين خلال نصف قرن يدفعني إلى اقتراح سعودة ألفين وظيفة مضيفة وتحويلها إلى وظائف مضيفين ولو كان قرار تشغيل السعوديات في وظائف مضيفات في الخطوط السعودية قد تمت الموافقة عليه لطالبت بسعودة وظائف المضيفات بمضيفات سعوديات.

إن تعيين ألفي شاب سعودي على وظيفة مضيف سوف يفتح ألفي بيت وسيعيل على الأقل ألفين أخريين، وسيسهم في توطين رواتب ألفي موظف. وأعود أخيراً إلى عنصر التكلفة الاقتصادية في تشغيل المضيفين السعوديين والذي يقال إنه أحد الأسباب الرئيسية لتعيين المضيفات وهو أمر يحتاج إلى دراسة، وإذا كان الفرق كبيراً فقد يكون الحل لمعالجة الفرق في التكلفة صندوق الموارد البشرية وتحمله جزءا من الرواتب للسنتين الأوليين مع تحمل تكلفة التدريب والتأهيل.

إن طرحي اليوم قد يزعج بعض أصحاب المصلحة في بقاء الوضع على حاله وقد يزعج المعنيين بالإحلال إلا أن مصلحة الوطن ومصلحة اقتصاد الوطن وأبناء الوطن فوق الجميع.