تنظر جمعية حقوق الإنسان بمكة المكرمة شكوى أحد نزلاء إصلاحية العاصمة المقدسة، تقدمت بها والدته، تتهم فيها إدارة السجن بالتسبب في فقدان ابنها لبصره، في حين أوضح مدير التدريب والتوجيه بسجون مكة المكرمة العقيد محمد بن هشلول أن ما ورد بالشكوى مجرد ادعاء، وأن القضية لا تزال بين لجنتين، لجنة حقوقية وأخرى طبية.

وكشف المواطن (م.ب) أن شقيقه الأكبر حكم عليه قبل حوالي ثمانية أشهر بالسجن 6 أشهر، والجلد 150 جلدة، تنفذ على ثلاث مراحل بواقع 50 جلدة لكل مرحلة بعد إدانته بتهمة النصب والاحتيال، وتم إيداعه بإصلاحية مكة المكرمة لقضاء مدة محكوميته، وأن "المحكوم عليه" كان يعاني قبل دخوله السجن من عدة أمراض منها السكر والضغط والقلب، الأمر الذي جعل الشقيق يستخرج تقريرا مفصلا عن حالته الصحية، وإرساله إلى إمارة منطقة مكة المكرمة.

وأضاف أنه في شهر رجب الماضي أرسلت الإمارة تقريرا لسجون مكة المكرمة تطلب تحويله إلى المستشفى، وإعداد تقرير عن حالته، ولكن بحسب إفادة شقيقه لم يتم تحويله، وأصيب بجلطة بالدماغ نتج عنهة إصابته بالشلل النصفي من جانبه الأيسر، مشيرا إلى أنه عند اقتراب مدة انتهاء محكوميته في 6/5/1431 هـ تم تنفيذ حكم الجلد به، ولم يتم عرضه على طبيب السجن، وقبل انتهاء الجلد فقد بصره.

وفي رده على الشكوى قال مدير التدريب والتوجيه بسجون مكة المكرمة العقيد محمد بن هشلول إن "الحقائق كثيرا ما تختلف عن الواقع، فالناظر للسجين المقعد يشفق عليه، وما ورد بالشكوى التي تقدمت بها والدة السجين مجرد ادعاء يهدف إلى لفت نظر الناس إليه، لعل الله يأتي بأحد من المحسنين ليدفع عنه ديونه، أو تتكفله الدولة"، وأشار إلى أن السجين قضى محكوميته، وبقي عليه سداد الأموال التي احتال فيها على بعض المواطنين. وأكد العقيد ابن هشلول أن القضية لا تزال بين لجنتين لجنة حقوقية وأخرى طبية وهما الفيصل في الأمر.

من جهته, أكد أستاذ الشريعة وعضو جمعية حقوق الإنسان بمكة المكرمة الدكتور محمد السهلي أنه تبين للجمعية صحة الشكوى. وقال " تقدمت والدة السجين بشكوى للجمعية، وتم توجيهي للوقوف على الحالة في إصلاحية مكة، والتقيت بالعقيد محمد بن هشلول الذي أبدى كامل استعداده للتعاون، وتبين لنا صحة شكوى الأم، فيما يبدو لنا، وتبين لنا بشهادة الشهود من منسوبي الإصلاحية أن الجلد تم والرجل مصاب بشلل نصفي، وهو على كرسي الإعاقة، وأن الجلد تم على منطقة الرقبة، حيث إنها هي التي كانت بادية وظاهره للجلد، وبعد أن تم الجلد أخذ السجين يصرخ قائلا (إنه لا يرى)، وقد شاهد بعض المتجمعين حوله تجمعا دمويا في جهة الجبين".

وأضاف السهلي أن السجين كان مصابا قبل دخوله السجن بأمراض السكر والضغط واعتلالات في وظائف الكلى والكبد، مشيرا إلى أن الجلاد الذي كان ينفذ الجلد وهو من منسوبي الإصلاحية، وبشهادة الشهود، رفض تنفيذ الجلد لظروف السجين الصحية، ولكنه أجبر على تنفيذه بناء على توجيه من عضو لجنة التنفيذ، وهو شخص مدني لم يقف على اسمه حتى الآن.

وأضاف الدكتور السهلي أنه وقف على حالة السجين بنفسه، وجلس معه، ورأى أنه يعيش مأساة الشلل، ومأساة الإهمال، ومأساة إصابته بالعمى، إضافة الى مأساة فقره، حيث كان العائل الوحيد لأهله، وإخوته القصر، ووالدته، وقد بلغت ديونه أكثر من 350 ألف ريال، وتم إخراج أسرته من شقته المستأجرة، وأصيبت والدته بالسرطان، حيث تعالج بأدوية وحقن باهظة الثمن.

وبين عضو جمعية حقوق الإنسان بمكة المكرمة أنه اجتمع في الإصلاحية مع اللجنة المكونة من طبيب السجن ومدير المركز الصحي والمشرف الصحي ومشرف العنبر ومشرف الجناح، وتبين أن الجلد تم دون فحص طبي، وقد نفى طبيب السجن توقيعه على التقرير المرفق من قبل إدارة السجن الذي أكد فحص السجين قبل تنفيذ حكم الجلد عليه، مضيفا أن السجين أخبره بأنه لم يتم الكشف عليه كما هو المعتاد قبل الجلد، بينما نفت إدارة السجن ذلك، وأبرزت تقريرا يفيد بتوقيع الكشف، في الوقت الذي ينفي فيه شهود العنبر نفيا قاطعا توقيع الكشف على السجين، وكذلك طبيب السجن، مما يؤيد صحة دعوى السجين بأنه تم جلده دون الكشف عليه، "وهذه مخالفة صريحة للنظام".

وقال السهلي إن جمعية حقوق الإنسان تحركت، وخاطبت المركز الرئيسي بالرياض، والذي خاطب بدوره مقام إمارة منطقة مكة المكرمة، وخاطبت كذلك هيئة التحقيق والادعاء العام ولجنة رعاية السجناء، وبدورها قامت هيئة التحقيق والادعاء العام بمخاطبة هيئة الرقابة والتحقيق، وقامت هيئة الرقابة بإيفاد عضو لها، والجلوس مع السجين وأخذ إفادة منه، وقد تقرر تكوين لجنة طبية شرعية قبل أسبوعين.

وأوضح السهلي أنه وحتى تاريخه لم تتكون تلك اللجنة، مؤكدا أن السجين تتوفر فيه شروط "إطلاق السراح الصحي"، وفيما يخص القضايا الحقوقية عليه، فمن الممكن أن يكتفى بأخذ إقرارات عليه، وإلزامه بالإقامة الجبرية حتى يتسنى له مخاطبة أهل الخير لدفع ما عليه من حقوق.

وأكد أن السجين يعاني من متاعب صحية، حيث إنه يتبول على نفسه، وأن كيس البول يبقى معه أحيانا عدة أسابيع دون أن يتم تغييره، مما يسبب له أمراضا وتلوثا، وقد قام نزلاء السجن برفع شكوى تضرر من رائحته الكريهة وتلويثه للأرض.