لم يكن يتوقع حاضرو الندوة العلمية عن "تاريخ الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود" ـ رحمه الله ـ والتي نظمها كرسي الملك خالد للبحث العلمي على مسرح إمارة منطقة عسير أمس برعاية أمير منطقة عسير رئيس مجلس أمناء كرسي الملك خالد للبحث العلمي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أنهم سيغادرون القاعة وهم يمسحون دموعهم حزنا على خالد بن عبدالعزيز، حيث تضمنت الندوة عرض فيلم وثائقي نادر قدمه رئيس نادي أبها الأدبي أنور آل خليل في ورقته الثالثة خلال الندوة وشعر كل من شاهد الفيلم أن خالد بن عبدالعزيز في عسير وأنه بينهم بعد أن جسد الفيلم الوثائقي زيارة الملك خالد لمنطقة عسير عامي 1396و1399هـ والتي تجلى فيهما أجمل صور التلاحم والمحبة والتنمية. استعرض الفيلم الذي استمر قرابة نصف ساعة عفوية خالد بن عبدالعزيز وتواضعه وكرم أخلاقة وحرصه على انتشار التنمية المباركة في البلاد وحب الناس له لدى زيارة الملك خالد لمنطقة عسير عام1399هـ والتي رافقه فيها قادة دول الخليج، تلك الزيارة التنموية التي رأت عسير وأهلها النور في تدشين مشروع كهرباء عسير الذي افتتحه الملك خالد يوم الجمعة 5 شعبان 1399هـ الفيلم استعرض زيارة الملك خالد منذ وصوله المطار واستقباله لزعماء دول الخليج آنذاك حيث شهد الملك خالد وضيوفه العرض العسكري بمدينة الملك فيصل العسكرية بخميس مشيط.
واستعرض الفيلم ارتباط أهالي عسير وحبهم للملك خالد وقادتهم في صورة من صور التلاحم وفي ملحمة فريدة شهدت لها ساحة البحار الذي أقيم فيها احتفال أهالي المنطقة الكبير بزيارة الملك خالد لهم ووقوفه ضيفا بينهم ملك تنمية وقائد عدل وبين الفيلم كيف استقبلت قبائل عسير الملك خالد في مسيرة أشبه ما تكون بالملحمة يحملون أسلحتهم في رجولة التعبير عن حبهم لخالد بن عبد العزيز رافق الفيلم تعليق وسائل الإعلام عن تلك الزيارة وعاد جميع الحضور بالذاكرة إلى النشيد الشهير "كلنا فيصل كلنا خالد" الذي تغنى به أهالي عسير في تلك الزيارة الخالدة التي بقيت جذور تنميتها تضيء منازلهم وتعبد طرقهم إلى اليوم وكان أمير عسير قد شهد الندوة العلمية عن "تاريخ الملك خالد" والتي نظمها كرسي الملك خالد للبحث العلمي أمس والتي تولى المشرف على كرسي الملك خالد للبحث العلمي الدكتور حسن بن يحيى الشوكاني إدارتها, وقدم خلالها ثلاث ورقات علمية تتناول الورقة الأولى "وقفات من سيرة الملك خالد بن عبد العزيز" وقدمها الدكتور زاهر بن عواض الألمعي عضو مجلس الشورى السابق، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، استعرض خلالها جوانب من شخصية الملك خالد وسماته، واهتمامه بمصالح المواطنين والوطن، وحسن استثماره للموارد المالية للدولة التي شهدت في عهده تطوراً لم يسبق له مثيل، وكيف وظفت في خدمة البلد وتطويره، كما استعرض جهود الملك خالد في ترسيخ سياسة المملكة العربية السعودية داخلياً وخارجياً، ودوره البارز في خدمة قضايا الأمة الإسلامية بصفة عامة، وتحدث الدكتور زاهر الألمعي في بداية محاضرته عن الأسرة السعودية وقدمها الراسخ في العز والسؤدد على امتداد تاريخها الطويل في عهود الدولة السعودية الثلاثة، وأنها بلغت الدولة الأموية في تاريخ الإسلام، فقد عاشت الدولة الأموية بخلفائها قرابة مئة سنة، وقد تحقق هذا للمملكة العربية السعودية من عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود وأبنائه الغر الميامين إلى اليوم، حيث جرى الاحتفال بالمئوية قبل سنوات أي بلوغ مئة سنة ومازالت المملكة العربية السعودية فتية ناهضة بمقامها ورجالاتها وشعبها الوفي، وتناول الألمعي جوانب من سيرة الملك خالد الذي أبدع في حكمه وفتح الله على هذه البلاد في عهده من كنوز الخيرات والبركات ما مكنها من وضع قاعدة صلبة لنهضة المملكة العربية السعودية علمياً وثقافياً واقتصادياً وتنموياً في جميع المجالات، ورسخت سياسة المملكة العربية السعودية داخلياً وخارجياً على حب الخير للناس وعدم التدخل في شؤون الآخرين ما لم يكن دفاعاً عن النفس، والتزمت الدولة بدعم القضية الفلسطينية وإغاثة الشعب الفلسطيني وغير ذلك من أعمال الخير، وعرج الألمعي في وقفاته على شخصية الملك الصالح خالد بن عبدالعزيز الإسلامية وصلاحه حتى شبهه بعض الباحثين بعمر بن عبد العزيز, كما تحدث عن اهتمامه بمصالح المواطنين وضرب أمثلة على ذلك وبين الدكتور الألمعي حسن استثماره لإيرادات الدولة التي قفزت في عهده إلى مستوى لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد فوجه باستكمال البنى التحتية واستمرار دعم المشاريع العملاقة مثل الجبيل وينبع وبناء المطارات والتوسع في الجامعات والتعليم العام.. واختتم محاضرته بالإشادة بموقف الملك خالد من الإرهابيين وأهل الفتن مثل أحداث الحرم وقضائه على الفتنة في مهدها وذيل محاضرته بأبيات من مرثية في الملك خالد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ أما الورقة الثانية والتي قدمها الدكتور محمد بن عبد الله آل زلفة عضو مجلس الشورى السابق، وأستاذ التاريخ الحديث بجامعة الملك سعود، وحملت عنوان "الملك خالد وسبع سنوات خالدة في بناء وطن" تناول خلالها الدور الرئيسي للملك خالد في ترسية دعائم النهضة التنموية التي تعيشها بلادنا، من خلال تسليط الضوء على السياسة العامة للملك خالد، وجهوده في بناء ورفاهية الوطن والمواطن مستعرضاً نماذج وشواهد من عصر الملك خالد ـ رحمه الله ـ وكان التغير التنموي الشامل في عهد الملك الصالح خالد بن عبدالعزيز مدار حديثه، وقال آل زلفة في ورقته إن فترة حكم الملك خالد بن عبد العزيز تمثل مرحلة هامة من مراحل تاريخ المملكة؛ إذ شهدت هذه المرحلة أهم نقلة تنموية تشهدها بلادنا، وكانت مرحلة توحيد المملكة في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - في المرحلة الأولى لتوحيد بلاد كانت تعيش حالة من التفكك والتشرذم والتناحر والتقاتل وانعدام الأمن. ثم تلا مرحلة التوحيد وتثبيت الأمن المرحلة الأولى في بناء مؤسسات دولة عصرية في بلاد لم تعرف أي معنى لمفهوم المؤسسات من قبل مثل: مؤسسة تشريعية ممثلة في مجلس للشورى تتولى مهمة سن الأنظمة والقوانين لدولة ناشئة، وأسست بناء على تلك القوانين أجهزة تتولى مهام القضاء والتعليم والصحة والمواصلات، ولفت آل زلفة إلى أن كل ذلك في ظروف اقتصادية صعبة إذ ظلت موارد الدولة محدودة مصادرها زكوات الأنعام والمزارع وعائدات جمركية محدودة وضرائب تؤخذ على تجارة محدودة الرواج وعائدات الحج التي كانت تتذبذب انخفاضاً وارتفاعاً حسب الظروف والأحوال الدولية. ثم جاءت عائدات البترول في فترة متأخرة بدأت بنهاية الحرب العالمية الثانية ولم تكن تلك العائدات تشكل رافداً كبيراً إذ إن أسعاره ظلت منخفضة حتى مطلع السبعينات الميلادية من القرن الماضي حيث شهدت أسعار البترول نقلة كبيرة جعل الدولة تفكر في إنشاء أول خطة خمسية ترسم بموجبها خطة تنموية تشمل كل مناحي الحياة وتحدث تغيراً كبيراً في حياة المجتمع السعودي، ونوه آل زلفه أن عام 1975م كان عام تولي الملك خالد – يرحمه الله – مقاليد الحكم وهو عام بداية التغيير الحقيقي في حياة هذا المجتمع وهو ما تعارف على تسميته ببداية سنوات الطفرة التي شملت وعمت كل أرجاء البلاد وأحدثت تغييراً حقيقياً في حياة الإنسان السعودي وفي ختام الندوة قدم رئيس النادي الأدبي بأبها أنور بن محمد آل خليل ورقته التي عنونت بـ "ملامح من زيارتي الملك خالد لمنطقة عسير في عامي 96-1399 هـ ", وقدم آل خليل من خلالها فيلماً وثائقياً مميزا ونادرا عن الزيارتين الكريمتين للمنطقة، مبيناً ما تحقق للمنطقة خلالهما من مشروعات تنموية، وما تم إرساؤه من بنى تحتية ساهمت بدور كبير في نهضة المنطقة وتقدمها، وجرى خلال الندوة توزيع الإصدارات العلمية لكرسي الملك خالد للبحث العلمي على الحضور والتي اعتمد أصلها أمير عسير في حفل افتتاح معرض خالد أول من أمس وفي ختام الندوة قدم أمير عسير دروع كرسي الملك خالد للمتحدثين في الندوة التي حضرها وكيل إمارة المنطقة المهندس عبد الكريم الحنيني ووكيل الإمارة المساعد الدكتور محمد بن عيسى ومدير عام مكتب أمير عسير الدكتور ذعار بن محيا وحشد كبير من مسؤولي وأعيان المنطقة في يوم استثنائي شعر كل من حضر تلك الندوة أن الملك خالد بن عبدالعزيز بينهم.