قال المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري "إن ثمة ترابطا بين التراث والهوية، فلا هوية بدون تراث تستند إليه، ولا تراث لا يؤسس للهوية، فالتراث والهوية عنصران متلازمان من عناصر الذات، ومكونان متكاملان من مكونات الشخصية الفردية والجماعية".
وعرَّج التويجري على الأصل اللغوي لكلمة "تراث" في الموروث الثقافي العربي، خلال محاضرة بعنوان "التراث والهوية"، نظمها مركز "تريم" في قاعة المحاضرات الرئيسية في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق الأربعاء الماضي.
وبدأ الدكتور التويجري محاضرته بتوطئة حول الربط بين التراث والهوية، متناولا ما ورد في القرآن الكريم "وتأكلون التراث أكلاً لماً"، وبين أن هذا المفهوم قد توسع ليشمل كل ما خلفه الأسلاف من محسوسات ومعنويات.
ثم عرضت المحاضرة لأقسام التراث، وحددتها في ثلاثة: أولها البنايات والمنحوتات والتصاوير والزخارف، وثانيها المكتوبات والمقروءات، وثالثاً المعتقدات والتقاليد والعوائد والسلوكيات ونظم الحياة.
ومن التراث انتقل المحاضر إلى الهوية، انطلاقاً من المصدر اللغوي، واعتماداً على المراجع التراثية. ثم عرض الدكتور التويجري لعلاقة التراث بالهوية، ليخلص إلى أن التراث مكون أساس للهوية، وأن الهوية معبرة عن التراث وناقلة عنه، وأن الأمم تعرف بهوياتها التراثية التي تجسدها الثقافة والحضارة.
وركزت المحاضرة على إبراز أهمية المحافظة على التراث، بأشكاله وأنماطه وتجلياته المتعددة، باعتبار أن التراث رصيد إنساني متراكم، وهو ثروة الأمة ورصيدها الذي لا ينضب، وجذور وجودها، والتراث مصدر معرفي وحضاري ينهل منه ويبنى عليه، ولذلك كان التفريط في التراث انسلاخاً من الهوية، وتنكراً للأصول، وكان تواصل الأجيال من خلال التراث، بجميع أشكاله، ضرورة من ضرورات المحافظة على التراث، وحامياً للخصوصيات الثقافية والحضارية. وفي ضوء ذلك، تناولت المحاضرة التراث العربي والإسلامي تناولاً منهجياً، باعتباره ثروة إنسانية حضارية أغنت المعرفة الإنسانية عبر العصور، وأبرزت كيف أن "التاريخ الفكري والثقافي والأدبي والعلمي للأمة هو مصدر اعتزازها، ومنهل ديمومة تميزها وفرادتها، وأصل هويتها".
وأكد المحاضر على أن التراث العربي الإسلامي يذخر بالعلوم والمعارف والآداب والفنون، وهو مظهر من مظاهر الحضارة الإنسانية التي تلاحقت فيها عطاءات العرب والفرس والروم والهنود والترك والزنوج، وغيرهم من الأعراق والأجناس وأهل الأديان والمذاهب والملل والنحل لتشكل منها منظومة متكاملة من القيم والمثل والمبادئ وأنواع الإبداع الإنساني، في شتى حقول المعرفة.
يذكر أن مركز تريم للعمارة والتراث هو مؤسسة غير حكومية، مركزها دمشق، أسست في عام 2004، وتشرف عليها حرم السياسي اليمني علي ناصر محمد المهندسة ريم عبدالغني، تُعنى بالتراث والعمارة في العالم العربي.