أثار إسناد مهمة برنامج التثقيف بأهـميـة الرضاعـة الطبيـعية لشـركتين متخصصتين في إنتاج الحليب الصناعي بمكة المكرمة جدلا واسعا وطرح أكثر من علامة استفهام حول سر توقيع اتفاقية بين قطاع صحي حكومي وشركات لتصنيع الحليب لتنفيذ برامج تدريبية توعوية حول الرضاعة الطبيعية. واعترضت استشارية طب الأسرة، منسقة برنامج الرضاعة الطبيعية بمكة المكرمة زينب أبورزيزة على الاتفاقية بعد أن كشفت عن توقيع اتفاقيتين من هذا النوع مع ممثلتين لشركتين تعملان في إنتاج الحليب الصناعي لتنفيذ البرنامج التدريبي عن الرضاعة الطبيعية بمراكز الرعاية الصحية الأولية بمكة.
وقالـت: إن الاتفاقـية تخالـف أنظـمة وزارة الصحة السعودية، مؤكدة أن شركات صناعة الحليب ممنوعة من دخول المنشآت الصحية، فيما رأى نائب مدير الشؤون الصحية بمكة طالب الحجيلي أن البرنامج تثقيفي، بينما دافع الناطق الإعلامي باسم صحة العاصمة المقدسة فائق حسين عن الاتفاقية، مؤكدا أنها خاصة بتثقيف الأمهات ومنها جزء متعلق بالرضاعة الطبيعية.
وأشار حسين إلى أن البرنامج تم بإشراف المراكز الصحية لمدة شهرين، ولن تتم إعادته مرة أخرى لثبوت عدم جدواه.
نشب خلاف كبير بين استشارية طب الأسرة، منسقة برنامج الرضاعة الطبيعية بالرعاية الصحية الأولية الدكتورة زينب أبورزيزة ونائب المدير العام للشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة الدكتور طالب الحجيلي عقب قيام الثاني بتوقيع اتفاقية بالشراكة مع شركتين للحليب الصناعي (تحتفظ الوطن باسمهما) ممثلتين في مندوبتيهما لتنفيذ برنامج تدريبي بمراكز الرعاية الصحية الأولية عن الرضاعة الطبيعية وفقا لجدول زمني لمدة شهرين، ويتم بعدها تقييم التجربة على أن تقوم مندوبات الشركتين بالتثقيف الصحي عن الرضاعة الطبيعية للأمهات مع عدم الإخلال بالشروط والبنود الواردة بالمرسوم الملكي رقم (260) وتاريخ 18-9- 1425هـ بمسمى (نظام تداول بدائل حليب الأم)، وتعتبر الدكتورة زينب البرنامج مخالفا لأنظمة وزارة الصحة ونظام تداول الحليب، فيما يرى الدكتور طالب الحجيلي أن البرنامج تثقيفي. وفي المقابل دافع الناطق الإعلامي بالشؤون الصحية بالعاصمة المقدسة فائق حسين عن الاتفاقية، مؤكدا أنها كانت خاصة ببرنامج توعوي تثقيفي للأمهات ومنه جزء يتعلق بالرضاعة. وقال: البرنامج تم تحت إشراف الأخصائيات ومديري المراكز الصحية وكانت مدته شهرين وانتهت، ولن تتم إعادة تنفيذ هذا البرنامج مرة أخرى بعد أن تم تقييمه وثبت عدم جدواه.
وبينت الدكتورة زينب أن شركات صناعة الحليب ممنوعة من دخول جميع المنشآت الصحية والتعاون معها ومع موظفيها، وأن تلك البرامج التثقيفية المسندة إلى مندوبات شركات الحليب بالمنشآت الصحية مخالفة لقرار مجلس الوزراء وما جاء في تعميم وزير الصحة، وكذلك المدونة الدولية، فجميعها تنص على عدم التعامل معهم مطلقا وعدم استخدام موظفي هذه الشركات داخل المنشآت الصحية بأي شكل من الأشكال. ومسألة التثقيف من قبل المندوبات ما هي إلا ستار فقط يعملن من خلاله مندوبات شركات الحليب الصناعي للترويج لمنتجاتهم. وقد خالفت هذه الاتفاقية العديد من التعاميم الخاصة بمنع دخول هذه الشركات ومندوبيها المنشآت الصحية. وأشارت إلى أن تلك الدورات التي تقوم بها المثقفات من مندوبات شركة الحليب تكون لثقافة الحليب الصناعي وإن كان هناك أسلوب معين للتحايل. وقالت: مدير مركز التدريب والتعليم قام بالاتفاق مع مدير شؤون المراكز الصحية بإلغاء جميع أنشطتنا ودوراتنا للرضاعة الطبيعية لباقي السنة إرضاء لهذه الشركات، وتم الرفع للمسؤولين بذلك.
وأكدت زينب أن من أبرز التجاوزات التي قامت بها الشؤون الصحية بمكة المكرمة إبرام اتفاقية رسمية غير نظامية بالإضافة إلى اجتماعات مدير شؤون المراكز ومنسقة الأمومة والطفولة وتعميد مديري المراكز الصحية للتعاون الكامل مع مندوبات شركات الحليب الصناعي على الرغم من وجود مثقفات صحيات ومنسقات للرضاعة الطبيعية بكل مركز صحي معتمدات من قبل وزارة الصحة مؤهلات ومدربات.
وأضافت: أن الإحصائيات الموجودة لديها قبل صدور هذه الاتفاقية الرسمية غير النظامية تشير إلى ارتفاع عدد الأمهات المرضعات طبيعيا، حيث بلغن 40 ألف أم عن العام السابق بعد جهود دامت ست سنوات في دعم الرضاعة الطبيعية وحمايتها والمحافظة على صحة الأم والطفل من الأمراض الفتاكة والسرطانية وتعزيز صحتهم بها، واتخاذ كل السبل التي تمنع دخول مندوبات شركات الحليب الصناعي ورفض كل العروض والإغراءات والمنح التي يقدموها مقابل التعاون معهم. وللأسف ما تم بناؤه خلال السنوات الست الماضية تم هدمه في عشية وضحاها.