بعد الإعلان عن عودة خادم الحرمين الشريفين من رحلته العلاجية استبشر الشعب السعودي، وفرح بعودة ملكه سالما معافى، وعبر عن ذلك بخروجه لاستقباله، وصدرت الأوامر الملكية الكريمة التي كانت بمثابة لفتة أبوية حانية من قائد يحب شعبه، ويحبه الشعب بمختلف مراحلهم العمرية، ودليل حبه ـ حفظه الله ـ للشعب هو اهتمامه الكبير بهم في كل الأوقات حتى وهو في طريقه من المطار بعد عودته من رحلة العلاج أمر بإيقاف موكبه، وسلم على محييه، ومحبيه من أبناء وطنه الذين خرجوا فرحاً وابتهاجاً بعودته للوطن.
وبعد ذلك صدرت الأوامر الملكية الكريمة الأولى التي كانت مدروسة بعناية فائقة، والتي من خلالها تم توجيه موارد الوطن لخدمة الشعب، فقد شملت الموظفين، وغير الموظفين، ولها أبعاد إستراتيجية قريبة وبعيدة المدى، ويستفيد منها كافة أفراد المجتمع بمختلف شرائحهم، وستسهم بدرجة كبيرة في حل كثير من المشكلات التي تواجه كثيرا من أفراد المجتمع، وشملت هذه الأوامر تثبيت بدل غلاء المعيشة، وتثبيت جميع العاملين على البنود على وظائف رسمية، وصرف رواتب للباحثين عن عمل، ودعم رأس مال صندوق التنمية العقاري بمبلغ 40 مليار ريال، ورفع رأس مال البنك السعودي للتسليف والادخار بمبلغ 20 مليارا، وإعفاء جميع المقترضين من قسطين من صندوق التنمية، وبنك التسليف، وإعفاء جميع المتوفين من أقساط صندوق التنمية. كما شملت هذه الأوامر الملكية الكريمة المستفيدين من الضمان الاجتماعي، وبرامجه المختلفة، ودعم الجمعيات الخيرية، ونشاطاتها المختلفة التي تقدمها لبعض أفراد المجتمع، ودعم ميزانية الهيئة العامة للإسكان بمبلغ 15 مليار ريال، كما لم تقتصر هذه الأوامر على المواطنين في الداخل، بل شملت الطلاب الدارسين على حسابهم الخاص في الخارج.
وجاءت الأوامر الملكية الثانية في جمعة الوفاء من ملك العطاء، بعد الكلمة الصادقة، والنابعة من القلب، والمختصرة المفيدة من خادم الحرمين الشريفين، والموجهة لشعبه الوفي، وأكدت كلمة خادم الحرمين الشريفين على أن الشعب السعودي شعب أصيل، وصادق، ومخلص لقيادته، ولوطنه، وبذلك فإن هذا الشعب سيكون وفيا لقيادته الرشيدة التي تجعله من أهم أولوياتها، وتحرص على كل ما فيه خير له.
وشملت هذه الأوامر جميع جوانب الحياة للمواطن والمجتمع السعودي، وقد شملت موظفي الدولة ( مدنيين , وعسكريين )، وغير الموظفين ؛ حتى طلاب التعليم العالي، والمبتعثين في أماكن ابتعاثهم، كما شملت الجوانب الاقتصادية، والصحية، والأمنية، والاجتماعية، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل حتى العلماء كان لهم نصيب من هذه الأوامر الملكية الكريمة، وهي كثيرة، ولا يمكن اختصارها في مقال صحفي.
والأوامر الملكية الكريمة الأولى، والثانية كانت لها صفة الشمولية ولامست قضايا المجتمع بصفة مباشرة، وراعت احتياجات الوطن بشكل عام، وتطرقت لهموم، وتطلعات المواطن، فقد شملت جوانب اجتماعية عديدة، وكانت واقعية، ومدروسة. وأنا على يقين بأنها ستعمل على دفع عجلة التنمية في مملكة الإنسانية، وتعمل على تحقيق الاستقرار بمفهومه الشامل الذي يفتقر إليه كثير من دول العالم. كما أن هذه الأوامر ستعمل على الارتقاء بمستوى المعيشة في المملكة العربية السعودية، وتؤدي إلى عمق التلاحم بين الملك وأبنائه المواطنين. كما لامست هذه القرارات جميع جوانب الحياة، وكانت كالبلسم المعالج. وكل ما جاء في هذه الأوامر الملكية الكريمة يحمل بعدا وطنيا عميقا، ومتوجا برغبة أكيدة، ومخلصة من ملك الإنسانية لتوفير الحياة الكريمة لمواطنيه، وتوجيه كافة الجوانب التنموية نحو مصلحة المواطن من خلال التركيز على كافة القطاعات التي لها علاقة مباشرة بحاضر، ومستقبل المواطن، وتضمن العيش في وطن يوفر له الحماية، والأمن، والاستقرار.
وجميع هذه الأوامر الملكية الكريمة عبارة عن قرارات تاريخية بكل ما تعنيه هذه الكلمة، ولها أبعاد إصلاحية في شتى المجالات، فهي بذلك تصب في مصلحة المواطن، وتعمل على تحقيق متطلباته ليعيش في هذا البلد مرفوع الرأس، ومعززا، ومكرما. والشعب رجالا، ونساء، كبارا، وصغارا يبتهلون لله بالدعاء بأن يحفظ الله لهم خادم الحرمين الشريفين، ويطيل في عمره، ويمتعه بالصحة والعافية، ويوفقه لكل ما فيه خير للبلاد، والعباد ؛ فأنت في قلوبهم، كما هم في قلبك، وهم معك في كل الأحوال مثلما أنت معهم.