في منبر الحرية، وهو موقع متخصص في الترويج لقيم الحرية، كما يراها رعاته، يكتب الكثيرون عرب وأجانب عن أساليب حياتنا، وعن ثقافتنا وقيمنا وتاريخنا بعين فاحصة وناقدة، وأحياناً فيها الكثير من الموضوعية مثل هذا المقال الذي كتبه طارق حجي تحت عنوان " معنا أو ضدنا " http://www.minbaralhurriyya.org/content/view/766/707/
والعنوان واضح، فقد اعتبر الكاتب أن هذه المقولة هي أحد عيوبنا الراسخة، فقد " ترك تاريخنا أعمق الآثار في تكوين شخصيتنا. وقد عرف هذا الأسلوب في التفكير والحكم على الآخرين على أوسع نطاق مع توابعِ هذه المقولة وآثارها المترجمة في مواقفٍ كثيراً ما اتسمت بالعنفِ والقسوةِ والدمِ..
ومع أن الكاتب يعيد هذا المشكل الثقافي إلى العصر المملوكي، إلا أنه ينسحب في الواقع على جزء كبير من تاريخنا العربي والإسلامي.
ويرى الكاتب أن جوهر هذه المسألة، أننا ننشأ في مناخٍ ثقافيٍّ عام يتسمُ -إلى حد بعيد- بالشخصانية أو الذاتية في مواجهة الموضوعية، كما يتسم بضيقِ الصدرِ بالنقدِ وعدم الاحترام العميق لكون الآخرين مختلفين، وهو ما يحتم أن يرى الكثيرون منا "الآخرين" من منظورِ السؤال النمطي: أهو معي.. أم ضدي؟ ويزيد من تأصيلِ حقيقةِ هذا البعد من أبعادِ تفكير الكثيرين منا أن أعداداً كبيرة منا "قرويون" جاؤوا حديثاً إلى المدن وهم يحملون في تكوينهم قانون تأسيسِ الانتماءِ على أرضيةِ الاشتراكِ في الخلفيةِ المكانيةِ والعائليةِ.
وهذه الضفيرة من الأبعاد (ذاتيون لا موضوعيون.... تقلص السماحة تجاه الآخر المختلف.... الضيق بالنقد) هي ما تجعل العملَ الجماعي أبعد ما يكون عن التوفر. فروحُ الفريق تنسفُ نسفاً عندما تضربها هذه الأبعادُ في ذاتِ الوقت. وهذا الجانب هو أحد أهم أسباب تأخرنا عن عددٍ من الشعوبِ الآسيوية في اللحاقِ بركبِ التقدم الاقتصادي الحديث.
ويلاحظ الكاتب أن المجموعات الآسيوية والأوروبية تنخرطُ في العملِ الجماعي دون أية تشققاتٍ في وحدة الفريق بسببِ العوامل الثقافية التي تلغي أسباب الفرقة وتغلب أَسباب الوحدة.
ويرى أنه " في ظل ظروف عامة معينة، وعندما تكون قيادة وحدات العمل في يدِ من هو مشربُ للغاية بنفسِ الروح ("معنا" أم "علينا"؟) فإن قيمَ تفسخِ روحِ الفريق تتعاظم وتضرب المناخ العام بسهامها من كل جانبٍ، تاركة إيانا أمام ما يشبه حالة استحالة لأن نعمل كفريقٍ واحدٍ متجانس ومتوائم.