لم يعد التدخين "سبباً رئيساً للسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والشرايين" فقط كما تقول تحذيرات علب السجائر، وإنما أصبح التدخين سبباً لفشل الكثير من مشاريع الزواج، وعائقاً يحول بين المرء وبين من يتمنى الزواج منها، وبحسب رأي كثير من الفتيات فإنه صار من أهم أسباب رفض المتقدمين للزواج.
ولم تعد كذلك الشروط الكثيرة التي تشترطها الفتاة أو أهلها على المتقدم للزواج، كالدين والنسب والحسب والخلق والوظيفة وغيرها من الشروط، كافية للموافقة على اقتران الفتاة بالمتقدم لها، إلا بعد أن يتم التأكد من كون العريس الجديد غير مدخن في الأساس، وإن كان مدخناً، فإن اشتراط الإقلاع عن التدخين سيكون حاضراً إلى جانب كل الشروط السابقة، بل وسيكون هو الشرط الذي لا يمكن التنازل عنه نهائياً.
وبدا جلياً أن سمة تدخين الرجل في نظر الكثير من الإناث أصبحت من أهم عيوب الذكور، وعائقاً يحول بين الرجل المدخن، وبين من يحب أو يتمنى، أو يرغب بالزواج منها، وأضحت سبباً مباشراً في عدم موافقة النساء على الاقتران بالرجال المدخنين، فالفتاة عادة ما ترسم صفات فارس أحلامها منذ الصغر، وتحلم في الحصول على شريك حياة مميز يجلب لها السعادة والرضا، ويحقق لها كل ما تريد.
وأصبحت الأسر التي أخذت تحرص أكثر من أي وقتٍ مضى على أهمية عدم تدخين الشخص المتقدم للزواج، ليحتل شرط التدخين مقدمة الشروط الأساسية في زواج كل شاب.
وأظهرت نتائج استطلاع أجراه الموقع الإلكتروني لبرنامج مكافحة التدخين التابع لوزارة الصحة، وشاركت فيه 144 فتاة حتى وقت إعداد هذه المادة، أن ما نسبته 44% من المشاركات رفضن الارتباط بشخص ٍ مدخن، لما سيترتب على تلك العلاقة من نتائج، فقد يجلب المدخن الموت والمرض للزوجة وللأولاد، ونسبة 44% لأخرياتٍ قبلن مجبرات بالارتباط بزوج يمارس عادة التدخين، بداعي استمرار الحياة الزوجية، والمحاولة في إقناع الزوج بالإقلاع عن التدخين، بينما ذهبت النسبة المتبقية وهي 12% إلى فتياتٍ لا يعني لهن الأمر شيئاً كثيراً، ولا يولين أية أهمية لعادة التدخين عند اختيار شريك المستقبل.
مريم الدوسري (طالبة) أبدت عدم تقبلها فكرة الزواج بمدخن، وذلك لعدم تقبل أسرتها لهذا الأمر، باعتباره عيبا اجتماعيا يمكن أن يلحق الضرر بها وبمحيطها الأسري، وبأطفالها فيما بعد، ولما للتدخين من تأثير على حالة الإنسان النفسية والعصبية.
وترفض ريم الخالد (موظفة) الارتباط بتاتاً بمدخن، وذلك ليقينها بصعوبة تركه التدخين، وليقينها كذلك بمدى الأضرار التي سيعاني منها كلما تقدم به العمر، بالإضافة الى آثار التدخين السلبي التي ستنعكس عليها، وعلى أطفالها في المستقبل، مؤكدةً على وجود العديد من الفتيات اللاتي يرفضن الارتباط بمدخنين، بالرغم من امتلاك أولئك المدخنين لجميع المقومات والمواصفات التي تتمناها أي فتاة.
أما فرح عبدالرحمن (متزوجة) فقد فوجئت ثاني أيام زواجها بأن زوجها مدخن، بالرغم من أنه بين لها قبل الزواج عكس ذلك، وبعد اكتشافها الأمر فرض عليها الزوج أن تتقبله كمدخن، وإلا سيكون مصيرها الذهاب إلى منزل أهلها، خاصة بعدما أبدت استياءها من التدخين، مما جعلها ترضخ للأمر الواقع وتتقبل تدخين زوجها.
ومن جانبها أكدت منسقة عيادات مكافحة التدخين في المنطقة الشرقية استشارية طب الأسرة والمجتمع الدكتورة أحلام الدوسري، وجود إقبالٍ كبير من الشباب الراغبين في الزواج على الإقلاع عن التدخين، وتأتي هذه الرغبة بسبب عدم تقبل الأهل، ونظرة المجتمع الناقدة للمدخن، بالإضافة الى إحساس أولئك الشباب بأضرار تلك العادة، وخوفهم مستقبلاً ـ في حالة استمرارهم بالتدخين ـ على أسرهم وخاصة الأطفال.
وأشارت الدكتورة الدوسري إلى رفض الكثير من الأهل تزويج بناتهم لمدخنين، الأمر الذي دفع بالمدخن وأهله إلى محاولة التستر على هذا الأمر لحين الانتهاء من فترة العلاج.
وأضافت أن نسبة 30% من مراجعين عيادة مكافحة التدخين هم من شباب غير متزوجين استمروا في التدخين لأكثر من 10سنوات، يرغبون في الاستفادة من الطرق الحديثة للإقلاع عن التدخين، التي من أبرزها تناول حبوب "شامبكس" واستخدام "لاصقات النيكوتين"، في مدة العلاج تصل في كلا الحالتين إلى 3 أشهر، بالإضافة إلى اللجوء لاستخدام "علكة النيكوتين" أو"اسبري النيكوتين" وهما يعتبران إلى جانب "لاصقات النيكوتين" من أكثر الطرق استخداماً من قبل الكثير من المدخنين الذين يرغبون في التخلص من تلك العادة، لكونها تلاؤم أكثر الباحثين عن العلاج، خاصة وأن الحبوب لا تصرف أحياناً، لما لها من أضرار جانبية على من تقل أعمارهم عن 18 سنة، وللمدخنين الذين يعانون من الاكتئاب وأمراض نفسية أخرى.